واختلفوا فيمن نزلت فيه هذه الآية، فقال الكلبي : نزلت في الأخنس بن شريق الثقفي كان يقع في الناس ويغتابهم. وقال محمد بن إسحاق : ما زلنا نسمع أنّ سورة الهمزة نزلت في أمية بن خلف الجمحيّ. وقال مقاتل : نزلت في الوليد بن المغيرة، كان يغتاب النبيّ ﷺ من ورائه، ويطعن عليه في وجهه. وقال مجاهد : هي عامّة في حق من هذه صفته.
وقوله تعالى :﴿الذي جمع مالاً﴾ بدل من كل، أو ذمّ منصوب أو مرفوع. وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي بتشديد الميم على المبالغة والتكثير ولأنه يوافق قوله تعالى :﴿وعدّده﴾ والباقون بتخفيفها، وهي محتملة للتكثير وعدمه، ومعنى عدّده : أحصاه وجعله للحوادث. وقال الضحاك : أعدّ ماله لمن يرثه من أولاده، وقيل : فاخر بعدده وكثرته : والمقصود الذم على إمساك المال عن سبيل الطاعة كقوله تعالى :
﴿مناع للخير﴾ (ص :)
وقوله تعالى :﴿جمع فأوعى﴾ (المعراج :)
﴿يحسب﴾ أي : يظنّ لجهله ﴿أنّ ماله أخلده﴾ أي : أوصله إلى رتبة الخلد في الدنيا فيصير خالداً فيها لا يموت، أو يعمل من تشييد البنيان الموثق بالصخر والآجر وغرس الأشجار وعمارة الأرض عمل من يظنّ أنّ ماله أبقاه حياً، أو هو تعريض بالعمل الصالح، أو أنه هو الذي أخلد صاحبه في النعيم، فأمّا المال فما أخلد أحداً فيه. وروي أنه كان للأخنس أربعة آلاف دينار، وقيل : عشرة آلاف دينار. وعن الحسن : أنه عاد موسراً فقال : ما تقول في ألوف لم أفتد بها من لئيم ولا تفضلت بها على كريم؟ قال : لماذا؟ قال : لنبوة الزمان، وجفوة السلطان ونوائب الدهر، ومخافة الفقر. قال : إذاً تدعه لمن لا يحمدك، وترد على من لا يعذرك. وقرأ ابن عامر وعاصم وحمزة بفتح السين، والباقون بكسرها.


الصفحة التالية
Icon