وقوله :﴿ كَلاَّ ﴾ ردع له عن ذلك الحسبان أي : ليس الأمر على ما يحسبه هذا الذي جمع المال وعدده، واللام في :﴿ لَيُنبَذَنَّ فِى الحطمة ﴾ جواب قسم محذوف، أي : ليطرحنّ في النار، وليلقينّ فيها.
قرأ الجمهور :﴿ لينبذنّ ﴾ وقرأ عليّ، والحسن، ومحمد بن كعب، ونصر بن عاصم، ومجاهد، وحميد، وابن محيصن :( لينبذانّ ) بالتثنية، أي : لينبذ هو وماله في النار.
وقرأ الحسن أيضاً :﴿ لينبذنّ ﴾ أي : لينبذن ماله في النار.
﴿ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الحطمة ﴾ ؟ هذا الاستفهام للتهويل والتفظيع حتى كأنها ليست مما تدركه العقول، وتبلغه الأفهام.
ثم بيّنها سبحانه فقال :﴿ نَارُ الله الموقدة ﴾ أي : هي نار الله الموقدة بأمر الله سبحانه، وفي إضافتها إلى الاسم الشريف تعظيم لها وتفخيم، وكذلك في وصفها بالإيقاد.
وسميت " حطمة " ؛ لأنها تحطم كل ما يلقى فيها وتهشمه، ومنه :
إنا حطمنا بالقضيب مصعبا... يوم كسرنا أنفه ليغضبا
قيل : هي الطبقة السادسة من طبقات جهنم.
وقيل : الطبقة الثانية منها.
وقيل : الطبقة الرابعة ﴿ التى تَطَّلِعُ عَلَى الأفئدة ﴾ أي : يخلص حرّها إلى القلوب فيعلوها ويغشاها، وخصّ الأفئدة مع كونها تغشى جميع أبدانهم ؛ لأنها محلّ العقائد الزائغة، أو لكون الألم إذا وصل إليها مات صاحبها، أي : إنهم في حال من يموت، وهم لا يموتون.
وقيل معنى :﴿ تَطَّلِعُ عَلَى الأفئدة ﴾ أنها تعلم بمقدار ما يستحقه كل واحد منهم من العذاب، وذلك بأمارات عرّفها الله بها.
﴿ إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ ﴾ أي : مطبقة مغلقة، كما تقدّم بيانه في سورة البلد، يقال أصدت الباب : إذا أغلقته، ومنه قول قيس بن الرقيات :
إن في القصر لو دخلنا غزالا... مصفقاً موصداً عليه الحجاب


الصفحة التالية
Icon