وقال الشيخ الشنقيطى :
سورة الهمزة
﴿ الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ (٢) ﴾
هذا الوصف يشعر بأنه علة فيما قبله، إذ الموصول هنا يدل من كل المتقدمة، وليس العيب في جمع مالاً بل في عدده. يحسب أن ماله أخلده. وفي عدده عدة معان :
قيل : عده كل وقت وآخر، تحفظاً عليه.
وقيل : عدده كنزه.
وقيل : عدده أعده للحاجة.
وقرئ : جمع وعدد بالتشديد وبالتخفيف. والمراد به من لم يؤد حق الله فيه شحاً وبخلا، كما تقدم في سورة ﴿ أَلْهَاكُمُ التكاثر ﴾ [ التكاثر : ١ ].
يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ (٣)
هذا الحسبان هو المذموم عليه، والمنصب عليه الوعيد، لأنه كفر بالبعث. كما قال صاحب الجنة في الكهف ﴿ وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ قَالَ مَآ أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هذه أَبَداً وَمَآ أَظُنُّ الساعة قَائِمَةً ﴾ [ الكهف : ٣٥-٣٦ ].
كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ (٤)
كلا : ردع وزجر له على حسبانه الباطل، ولينبذن في جوارب قسم محذوف دل عليه قوله : كلا.
وهذا يفسره ما تقدم في قوله :﴿ فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ ﴾ [ القارعة : ٩ ]، أي ينبذ نبذاً، فيهوي على أم رأسه.
عياذاً بالله.
والحطمة : فعلة من الحطم، وهو الكسر، ثم الأكل الكثير.
وقد فسرت بما بعدها ﴿ نَارُ الله الموقدة ﴾ [ الهمزة : ٦ ]، وسميت " حطمة " لأنها تحطم كل ما ألقي فيها، وتقول : هل من مزيد.
إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ (٨) فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ (٩)
قيل : مؤصدة في عمد. بأن العمد صارت رصداً للباب كالقفل، والفلق له. وقيل : في عمد : أنهم يدخلون في عمد كالقصبة، مجوفة الداخل.
وقيل : في عمد : أي توضع أرجلهم في العمد على صورة القيد في الخشبة الممتدة، يشد فيها عدد من الأشخاص في أرجلهم.