فصل فى التفسير الموضوعى للسورة كاملة


قال الشيخ محمد الغزالى :
سورة العصر
" والعصر * إن الإنسان لفي خسر ". يقال عاصر فلان فلانا إذا عاش فى زمانه. وللأزمنة معالم متميزة تعرف بها وتضاف إليها، فيقال مثلا عصر الصحابة، أو عصر الذرة، أو عصر الفضاء. والذين يظلهم عصر واحد قد يتشابهون فى معايشهم وتقاليدهم، ولكنهم يختلفون فى مصايرهم وأجزيتهم حسب سريتهم ومناهجهم. ورب رجلين عاشا فى معهد واحد، ذهب أحدهما إلى النعيم والآخر إلى الجحيم لاختلافهما أخلاقا وإيمانا! والسير مع الغرائز والأهواء ينتهى إلى الخسران، وقد تكون الكثرة جامحة والقلة واعية، فما تغنى الكثرة عن مبطل وما يضير أهل الحق أن عددهم قليل. وهذه السورة على وجازتها لخصت عواقب النشاط الإنسانى كله، على امتداد الزمان والمكان. فالمقطوعون عن الله حطب جهنم، والمتمسكون بالإيمان والصلاح والحق والصبر هم الذين كسبوا معركة الحياة. وهذه العناصر الأربعة عزيزة نادرة، وتمر بالبشر عصور تكون فيها هذه العناصر سبة ومصدر تعاسة، ولكن الله حصر البشرى فى أصحابها " إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر ". وقد اتخذ الصحابة سورة العصر شعارا لهم فى ملتقياتهم. جاء فى الحديث. " كان الرجلان من أصحاب رسول الله إذا التقيا لم يفترقا إلا أن يقرأ أحدهما على الآخر سورة العصر إلى آخرها ثم يسلم أحدهما على الآخر. وعن الشافعى : لو لم ينزل على الناس إلا هذه السورة لكفتهم!! إن الحق مر والصبر عليه باب للاضطهاد، والتشبث بالإيمان عند البعض رجعية محفورة؟ ولابد من عزيمة وجلد.. حتى يكسب المؤمنون المعركة. أ هـ ﴿نحو تفسير موضوعى صـ ٥٣٩﴾


الصفحة التالية
Icon