وأظن أن هذا الطالب أراد إلجاء الشيخ للنطق بها فلم يفلح، وما قيل إن اللّه سلط عليهم الجدري أو ردهم بما يشبه التسمم (ميكروب) ينافي صراحة الآية وحقيقتها.
اللهم إلا أن يقال ان ذلك نشأ عن رميهم واللّه أعلم، وخلاصة قصة الفيل هي أن أبرهة الحبشي لما ولي اليمن ورأى الناس يتجهزون أيام الموسم لزيارة الكعبة المشرفة، بنى كنيسة في صنعاء ودعا العرب لحجها وكتب إلى النجاشي بذلك، فسمع مالك بن كنانة فذهب إليها وتفوط فيها، وزعم مقاتل أن فئة من قريش أجّجوا نارا في يوم عاصف فهاجت الريح واضطرم الهيكل أي في البيعة المذكورة التي بناها أبرهة وسماها القليس، فاغتاظ أبرهة وعزم على هدم الكعبة انتقاما، فسار بجيشه نحوها وكان دليله أبو رغال الثقفي جد الحجاج فمات بالمغمس - محل قريب من مكة على طريق الطائف كان نزل به أبرهة بجيشه ودفن فيه - وصارت العرب ترجم قبره كلما مروا به جزاء لفعله حتى صار مثلا قال جرير :
إذا مات الفرزدق فارجموه كرجم الناس قبر أبي رغال
هذا، وما يقوله البعض من أن رمي الجمار الثلاث بمنى كناية عن رجم قبر المذكور، ليذوم ذكر فعله القبيح على ألسنة الناس فقد اخطأ، لأن الرمي في منى من المواضع التي تمثل بها إبليس عليه اللعنة لسيدنا ابراهيم عليه السلام حينما ذهب بابنه إسماعيل ليقربه إلى اللّه تصديقا لرؤياه، والرمي معروف قبل الإسلام وقبل ابرهة لأنه من شعائر الحج، وقبر أبي رغال ليس في محل الرجم في منى، بل هو على طريق الطائف للقادم منه إلى مكة وقد أجمع الفقهاء والمحدثون والمفسرون عل هذا وسيأتي لهذا البحث صلة في الآية ١١٣ من سورة الصافات في ج ٢
والآية ٩٧ من آل عمران والآية ٢٥ من الحج في ج ٣ فراجعها ففيها الكفاية.