كادت تُهدُّ من الأصوات راحلتي أنْ سالت الأرض بالجرد الأبابيل
واختلفوا في واحدها، فقال الفرّاء : لا واحد لها مثل الشماطيط والعباديد والشعارير، كل هذا لا يفرد له واجد، قال : وزعم أبو الرواسي وكان ثقة مأموناً أنه سمع واحدها إبالة ولقد سمعتُ من العرب من يقول : ضغث على إبالة يُريدون خصب على خصب.
قال : ولو قال قائلٌ : واحدها إبالة كان صواباً مثل دينار ودنانير، ويقال : للفضلة التي تكون على حمل الحمار أو علف البعير إبالة، وقال الكسائي : كنت أسمع النحويين يقولون : واحدها أبوَّل مثل عجوَّل وعجاجيل. وحكى محمد بن جرير عن بعض النحويين أن واحدها أبيل، يُقال : جاءت الخيلُ أبابيل من ههنا وههنا.
قال ابن عباس : لها خراطيم كخراطيم الطير وأكفٌ كأكفّ الكلاب.
عكرمة : لها رؤوس كرؤس السباع لم تُر قبل ذلك ولا بعده.
ربيع : لها أنياب كأنياب السباع، وقالت عائشة : أشبه شيء بالخطاطيف.
سعيد بن جبير : طيرٌ خضر لها مناقير صفر، قال أبو الجوزاء : أنشأها اللّه سبحانه في الهواء في ذلك الوقت.
﴿ تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ ﴾ قراءة العامة بالتاء للطير، وقرأ طلحة وأشهب العقيلي يرميهم بالياء، وهو اختيار أبي حنيفة، يعنون اللّه سبحانه، كقوله :﴿ ولكن الله رمى ﴾ [ الأنفال : ١٧ ] ويجوز أن يكون راجعاً إلى الطير لخلوّها من علامات التأنيث.
﴿ مِّن سِجِّيلٍ ﴾ قال ابن مسعود : صاحب الطير وترميهم بالحجارة، وبعث اللّه سبحانه ريحاً فضربت الحجارة فزادتها شدّة، فما وقع منها حجر على رجل إلاّ خرج من الجانب الآخر، وإنْ وقع على رأسه خرج من دبره.
﴿ فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ ﴾ كزرع أكلته الدواب فراثته فيبس وتفرّقت أجزاؤه، شبّه تقطّع أوصالهم يفرق أجزاء الروث.


الصفحة التالية
Icon