التي لا يحصل الغذاء إلا بعد وجودها كالأفلاك والعناصر وغيرها، والنعم اللاحقة التي لا يتم الانتفاع بالأكل إلا بها من القوى والآلات البدنية والخارجية. وفي قوله ﴿ من جوع ﴾ إشارة إلى أن فائدة الطعام والغاية منه سد الجوعة لا الإشباع التام. وأما الأمن فهو قصة أصحاب الفيل أو تعرض أهل النواحي لهم وكانوا بعد وقعة أصحاب الفيل يعظمونهم ولا يتعرّضون لهم. وقال الضحاك والربيع : آمنهم من خوف الجذام. وقيل : من أن تكون الخلافة في غيرهم وفيه تكلف. وقيل : أطعمهم من جوع الجهل بطعام الإسلام والوحي وآمنهم من خوف الضلال ببيان الهدى. وقيل : إشارة إلى ما دعا به إبراهيم عليه السلام في قوله ﴿ ربّ اجعل هذا بلداً آمناً وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم ﴾ [ البقرة : ١٢٦ ] فأجاب الله تعالى بقوله ﴿ ومن كفر ﴾ [ البقرة : ١٢٦ ] والتنكير في ﴿ جوع ﴾ و ﴿ خوف ﴾ للتعظيم. وقد روي أنه أصابهم شدة حتى أكلوا الجيف والعظام المحرقة، وأما الخوف فهو الخوف الشديد الحاصل من أصحاب الفيل. ويحتمل أن يكون المراد التقليل أي أطعمهم من جوع دون جوع ليكون الجوع الثاني والخوف الثاني مذكراً لما كانوا فيه أولاً فيكونوا شاكرين تارة وصابرين أخرى فيستحقوا ثواب الخصلتين. أ هـ ﴿غرائب القرآن حـ ٦ صـ ٥٦٨ ـ ٥٧١﴾


الصفحة التالية
Icon