﴿ فَلْيَعْبُدُواْ رَبَّ هذا البيت ﴾ هو الكعبة التي حميت من أصحاب الفيل وعن عمر أنه صلى بالناس بمكة عند الكعبة فلما قرأ فليعبدوا رب هذا البيت جعل يومي بإصبعه إليها وهو في الصلاة بين يدي الله تعالى :
﴿ الذى أَطْعَمَهُم ﴾ بسبب تينك الرحلتين اللتين تمكنوا منهما بواسطة كونهم من جيرانه ﴿ مِن جُوعٍ ﴾ شديد كانوا فيه قبلهما وقيل أريد به القحط الذي أكلوا فيه الجيف والعظام ﴿ الذى أَطْعَمَهُم مّن ﴾ عظيم لا يقادر قدره وهو خوف أصحاب الفيل أو خوف التخطف في بلدهم ومسايرهم أو خوف الجذام كما أخرج ذلك ابن جرير وغيره عن ابن عباس فلا يصيبهم في بلدهم فضلاً منه تعالى كالطاعون وعنه أيضاً أنه قال اطعمهم من جوع بدعوة إبراهيم عليه السلام حيث قال ﴿ وارزقهم من الثمرات ﴾ [ إبراهيم : ٣٧ ] وآمنهم من خوف حيث قال إبراهيم عليه السلام ﴿ رب اجعل هذا البلد آمناً ﴾ [ إبراهيم : ٣٥ ].
ومن قيل تعليلية أي أنعم عليهم وأطعمهم لإزالة الجوع عنهم ويقدر المضاف لتظهر صحة التعليل أو يقال الجوع علة باعثة ولا تقدير وقيل بدلية مثلها في قوله تعالى :﴿ أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة ﴾ [ التوبة : ٣٨ ] وحكى الكرماني في غرائب التفسير أنه قيل في قوله تعلى :﴿ الذى أَطْعَمَهُم مّن ﴾ أن الخلافة لا تكون إلا فيهم وهذا من البطلان بمكان كما لا يخفى وقرأ المسيبي عن نافع من خوف بإخفاء النون في الخاء وحكى ذلك عن سيبويه وكذا إخفاؤها مع العين نحو من على مثلاً والله تعالى أعلم. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٣٠ صـ ﴾