ويجوز أن تجعل اللام متعلقة بفعل ( اعْجَبوا ) محذوفاً ينبىء عنه اللام لكثرة وقوع مجرور بها بعد مادة التعجب، يقال : عجباً لك، وعجباً لتلك قضية، ومنه قول امرىء القيس : فيا لَكَ من ليل لأن حرف النداء مراد به التعجب فتكون الفاء في قوله : فليعبدوا } تفريعاً على التعجيب.
وجوّز الفراء وابن إسحاق في "السيرة" أن يكون ﴿ لإيلاف قريش ﴾ متعلقاً بما في سورة الفيل ( ٥ ) من قوله :﴿ فجعلهم كعصف مأكول ﴾ قال القرطبي : وهو معنى قول مجاهد ورواية ابن جبير عن ابن عباس.
قال الزمخشري : وهذا بمنزلة التضمين في الشعر وهو أن يتعلق معنى البيت بالذي قبله تعلقاً لا يصح إلاّ به ا ه.
يعنون أن هذه السورة وإن كانت سورة مستقلة فهي ملحقة بسورة الفيل فكما تُلحق الآية بآية نزلت قبلها، تلحق آيات هي سورة فتتعلق بسورة نزلت قبلها.
والإِيلاف : مصدر أألف بهمزتين بمعنى ألف وهما لغتان، والأصل هو ألف، وصيغة الإِفعال فيه للمبالغة لأن أصلها أن تدل على حصول الفعل من الجانبين، فصارت تستعمل في إفادة قوة الفعل مجازاً، ثم شاع ذلك في بعض الأفعال حتى ساوى الحقيقة مثل سَافَر، وعافَاه الله، وقاتَلَهُم الله.
وقرأه الجمهور في الموضعين لإيلاف } بياء بعد الهمزة وهي تخفيف للهمزة الثانية.
وقرأ ابن عامر "لإلاف" الأول بحذف الياء التي أصلها همزة ثانية، وقرأه ﴿ إيلافهم ﴾ بإثبات الياء مثل الجمهور.
وقرأ أبو جعفر "لِيلاَف قريش" بحذف الهمزة الأولى.
وقرأ "إلافهم" بهمزة مكسورة من غير ياء.
وذكر ابن عطية والقرطبي أن أبا بكر عن عاصم قرأ بتحقيق الهمزتين في "لإِأَلاَفِ" وفي "إِأَلافهم"، وذكر ابن عطية عن أبي علي الفارسي أن تحقيق الهمزتين لا وجه له.
قلت : لا يوجد في كتب القراءات التي عرفناها نسبة هذه القراءة إلى أبي بكر عن عاصم.
والمعروف أن عاصماً موافق للجمهور في جعل ثانية الهمزتين ياء، فهذه رواية ضعيفة عن أبي بكر عن عاصم.


الصفحة التالية
Icon