فهذه النعم تعادل الإطعام من جوع، والأمن من خوف، في حق قريش، ومن ذلك قوله تعالى :﴿ إِنَّآ أَعْطَيْنَاكَ الكوثر فَصَلِّ لِرَبِّكَ وانحر ﴾ [ الكوثر : ١-٢ ].
وقد بين تعالى أن الشكر يزيد النعم والكفر يذهبها، إلا ما كان استدراجاً، فقال في شكر النعمة :﴿ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ ﴾ [ إبراهيم : ٧ ].
وقال في الكفران وعواقبه :﴿ وَضَرَبَ الله مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ الله فَأَذَاقَهَا الله لِبَاسَ الجوع والخوف بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ ﴾ [ النحل : ١١٢ ].
وبهذه المناسبة إن على كل مسلم أفراداً من خوف، نعمة عظمى لأن الإنسان لا ينعم ولا يسعد إلا بتحصيل النعمتين هاتين معاً، إذ لا عيش مع الجوع، ولا أمن مع الخوف، وتكمل النعمة باجتماعهما.
ولذا جاء الحديث " من أصبح معافى بدنه آمناً في سربه عنده قوت يومه، فقد اجتمعت عنده الدنيا بحذافيرها ".
تنبيه آخر
إن في هذه السورة دليلاً على أن دعوة الأنبياء مستجابة، لأن الخليل عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام دعا لأهل الحرام بقوله :﴿ فاجعل أَفْئِدَةً مِّنَ الناس تهوي إِلَيْهِمْ وارزقهم مِّنَ الثمرات ﴾ [ إبراهيم : ٣٧ ].
وقال :﴿ رَبَّنَا وابعث فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ ﴾ [ البقرة : ١٢٩ ]، فأطعمهم الله من جوع وآمنهم من خوف، وبعث فيهم رسولاً منهم يتلو عليه آياته. أ هـ ﴿أضواء البيان حـ ٩ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon