وأخرج ابن الزبير بن بكار في الموفقيات عن عمر بن عبد العزيز قال : كانت قريش في الجاهلية تحتفد، وكان احتفادها أن أهل البيت منه كانوا إذا سافت يعني هلكت أموالهم خرجوا إلى براز من الأرض فضربوا على أنفسهم الأخبية ثم تناوبوا فيها حتى يموتوا من قبل أن يعلم بخلتهم، حتى نشأ هاشم بن عبد مناف، فلما نبل وعظم قدره في قومه قال : يا معشر قريش إن العز مع الكثرة، وقد أصبحتم أكثر العرب أموالاً وأعزهم نفراً، وإن هذا الإِحتفاد قد أتى على كثير منكم، وقد رأيت رأياً. قالوا : رأيك راشد فمرنا نأتمر. قال : رأيت أن أخلط فقراءكم بأغنيائكم فأعمد إلى رجل غني فأضم إليه فقيراً عياله بعدد عياله، فيكون يوازره في الرحلتين رحلة الصيف إلى الشام ورحلة الشتاء إلى اليمن، فما كان في مال الغني من فضل عاش الفقير وعياله في ظله، وكان ذلك قطعاً للاحتفاد قالوا : نعم، ما رأيت فألف بين الناس. فلما كان من أمر الفيل وأصحابه ما كان وأنزل الله ما أنزل وكان ذلك مفتاح النبوة وأول عز قريش حتى أهابهم الناس كلهم وقالوا أهل الله والله معهم، وكان مولد النبي ﷺ في ذلك العام، فلما بعث الله رسوله ﷺ كان فيما أنزل الله عليه يعرف قومه وما صنع إليهم وما نصرهم من الفيل وأهله ﴿ ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل ﴾ [ الفيل : ١ ] إلى آخر السورة ثم قال : ولم فعلت ذلك يا محمد بقومك وهم يومئذ أهل عبادة أوثان فقال لهم :﴿ لإِيلاف قريش ﴾ إلى آخر السورة أي لتراحمهم وتواصلهم، وكانوا على شرك، وكان الذي آمنهم منه من الخوف خوف الفيل وأصحابه واطعامهم إياهم من الجوع من جوع الاحتفاد.


الصفحة التالية
Icon