" ما خلأت ولكن حبسها حابس الفيل " وفيها نزلت سورة الفتح، فكان سبب الأمن العظيم والغنى، وعقبها في سنتها كان البعث إلى ملوك الأمصار، وفتح خيبر وانبساط ذكر الإسلام في جميع الأقطار، وكذا كان عقبها قبل عمرة القضية إسلام عمرو بن العاص على يد النجاشي لما سأله أن يعطيه عمرو بن أميه الضمري ـ رضى الله عنه ـ ليقتله، وذلك حين أرسله النبي ـ ﷺ ـ إلى النجاشي ـ رضى الله عنهما ـ يدعوه إلى الإسلام فأنكر النجاشي ذلك على ابن العاص وشهد للنبي ـ ﷺ ـ بالرسالة وأمره بأن يؤمن به، ففعل فكان ملك الحبشة بدعاء النبي ـ ﷺ ـ ناجياً هادياً، وإلى النبي ـ ﷺ ـ داعياً، عكس ما كان لملك الحبشة بمولده ـ ﷺ ـ من أنه كان هالكاً، وإلى الجحيم هاوياً، وإن حسبت من سنة بنيان الكعبة في الخامسة والعشرين من مولده ـ ﷺ ـ كانت السنة التاسعة والخمسون هي الحادية والثلاثون بعد الهجرة، وهي سنة استئصال ملك الفرس بقتل آخر ملوكهم يزدجرد، والفرس هم الذين أزالوا الحبشة عن بلاد اليمن وطهروا منهم أرض العرب، ولعل قسمة السورتين إلى ثلاث وعشرين وسبع عشرة إشارة إلى أن هذا المولد الشريف الذي حرست الكعبة بمولده ـ ﷺ ـ وحصل الأمن والعز ببركته تبنى الكعبة وتجدد بعد بضع وعشرين سنة من مولده، قالوا : كان بنيانها وسنه خمس وعشرون سنة، فلعله كان في آخر الرابعة والعشرين، ولعل قصة الفيل كانت وله نحو سنة من حين الولادة، وبه حين البنيان ألف الله بين قريش بعد أن كانوا تنافروا أشد المنافرة وتعاقدوا على الحرب في أمر الحجر الأسود من يضعه في موضعه حتى أصلح الله بينهم به ـ ﷺ ـ فوضعه بيده الشريفة في ثوب، وأمرهم فأمسكت جميع القبائل بأطرافه، ثم رفعوه حتى وازوا به موضعه فأخذه هو ـ ﷺ ـ فوضعه في