الاحتمال الثالث : أن تكون اللام في قوله :﴿لإيلاف﴾ بمعنى إلى كأنه قال : فعلنا كل ما فعلنا في السورة المتقدمة إلى نعمة أخرى عليهم وهي إيلافهم : رحلة الشتاء والصيف تقول : نعمة الله نعمة ونعمة لنعمة سواء في المعنى، هذا قول الفراء : فهذه احتمالات ثلاثة توجهت على تقدير تعليق اللام بالسورة التي قبل هذه، وبقي من مباحث هذا القول أمران :
الأول : أن للناس في تعليق هذه اللام بالسورة المتقدمة قولين : أحدهما : أن جعلوا السورتين سورة واحدة واحتجوا عليه بوجوه : أحدها : أن السورتين لا بد وأن تكون كل واحدة منهما مستقلة بنفسها، ومطلع هذه السورة لما كان متعلقاً بالسورة المتقدمة وجب أن لا تكون سورة مستقلة وثانيها : أن أبي بن كعب جعلهما في مصحفه سورة واحدة وثالثها : ما روي أن عمر قرأ في صلاة المغرب في الركعة الأولى ﴿والتين﴾، وفي الثانية ﴿ألم تر﴾ و ﴿لإيلاف قريش﴾ معاً، من غير فصل بينهما ببسم الله الرحمن الرحيم القول الثاني : وهو المشهور المستفيض أن هذه السورة منفصلة عن سورة الفيل، وأما تعلق أول هذه السورة بما قبلها فليس بحجة على ما قالوه، لأن القرآن كله كالسورة الواحدة وكالآية الواحدة يصدق بعضها بعضاً ويبين بعضها معنى بعض، ألا ترى أن الآيات الدالة على الوعيد مطلقة، ثم إنها متعلقة بآيات التوبة وبآيات العفو عنه من يقول به، وقوله :
﴿إِنَّا أنزلناه﴾ [ القدر : ١ ] متعلق بما قبله من ذكر القرآن، وأما قوله : إن أبياً لم يفصل بينهما فهو معارض بإطباق الكل على الفصل بينهما، وأما قراءة عمر فإنها لا تدل على أنهما سورة واحدة لأن الإمام قد يقرأ سورتين.