السؤال الثاني : أليس أنه جعل الدنيا ملكاً لنا بقوله :﴿خَلَقَ لَكُم مَّا فِى الأرض جَمِيعاً﴾ [ البقرة : ٢٩ ] فكيف تحسن المنة علينا بأن أعطانا ملكنا ؟ الجواب : أنظر في الأشياء التي لا بد منها قبل الأكل حتى يتم الطعام ويتهيأ، وفي الأشياء التي لا بد منها بعد الأكل حتى يتم الانتفاع بالطعام المأكول، فإنك تعلم أنه لا بد من الأفلاك والكواكب، ولا بد من العناصر الأربعة حتى يتم ذلك الطعام، ولا بد من جملة الأعضاء على اختلاف أشكالها وصورها حتى يتم الانتفاع بالطعام، وحينئذ تعلم أن الإطعام يناسب الأمر بالطاعة والعبادة.
السؤال الثالث : المنة بالإطعام لا تليق بمن له شيء من الكرم، فكيف بأكرم الأكرمين ؟ الجواب : ليس الغرض منه المنة، بل الإرشاد إلى الأصلح، لأنه ليس المقصود من الأكل تقوية الشهوة المانعة عن الطاعة، بل تقوية البنية على أداء الطاعات، فكأن المقصود من الأمر بالعبادة ذلك.
السؤال الرابع : ما الفائدة في قوله :﴿مِن جُوعٍ﴾ ؟ الجواب : فيه فوائد أحدها : التنبيه على أن أمر الجوع شديد، ومنه قوله تعالى :﴿وَهُوَ الذى يُنَزّلُ الغيث مِن بَعْدِ مَا قَنَطُواْ﴾ [ الشورى : ٢٨ ] وقوله ﷺ :" من أصبح آمناً في سربه " الحديث وثانيها : تذكيرهم الحالة الأولى الرديئة المؤلمة وهي الجوع حتى يعرفوا قدر النعمة الحاضرة وثالثها : التنبيه على أن خير الطعام ما سد الجوعة، لأنه لم يقل : وأشبعهم لأن الطعام يزيل الجوع، أما الإشباع فإنه يورث البطنة.


الصفحة التالية
Icon