وقال الشوكانى :
﴿ أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (١) ﴾
الخطاب لرسول الله ﷺ أو لكل من يصلح له.
والاستفهام لقصد التعجيب من حال من يكذب بالدين.
والرؤية : بمعنى المعرفة، والدين : الجزاء والحساب في الآخرة.
قيل : وفي الكلام حذف، والمعنى : أرأيت الذي يكذب بالدين أمصيب هو أم مخطىء.
قال مقاتل، والكلبي : نزلت في العاص بن وائل السهمي.
وقال السديّ : في الوليد بن المغيرة.
وقال الضحاك : في عمرو بن عائذ.
وقال ابن جريج في أبي سفيان.
وقيل : في رجل من المنافقين.
قرأ الجمهور :﴿ أرأيت ﴾ بإثبات الهمزة الثانية.
وقرأ الكسائي بإسقاطها.
قال الزجاج : لا يقال في " رأيت " : ريت، ولكن ألف الاستفهام سهلت الهمزة ألفاً.
وقيل الرؤية : هي البصرية، فيتعدّى إلى مفعول واحد، وهو الموصول، أي : أبصرت المكذب.
وقيل : إنها بمعنى أخبرني، فيتعدى إلى اثنين.
الثاني محذوف، أي من هو؟
﴿ فَذَلِكَ الذى يَدُعُّ اليتيم ﴾ الفاء جواب شرط مقدّر، أي إن تأملته أو طلبته، فذلك الذي يدعّ اليتيم، ويجوز أن تكون عاطفة على الذي يكذب : إما عطف ذات على ذات، أو صفة على صفة.
فعلى الأوّل يكون اسم الإشارة مبتدأ، وخبره الموصول بعده، أو خبر لمبتدأ محذوف، أي : فهو ذلك، والموصول صفته.
وعلى الثاني يكون في محل نصب لعطفه على الموصول الذي هو في محل نصب.
ومعنى ﴿ يدعّ ﴾ : يدفع دفعاً بعنف، وجفوة، أي : يدفع اليتيم عن حقه دفعاً شديداً، ومنه قوله سبحانه :﴿ يَوْمَ يُدَعُّونَ إلى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا ﴾ [ الطور : ١٣ ] وقد قدّمنا أنهم كانوا لا يورّثون النساء والصبيان ﴿ وَلاَ يَحُضُّ على طَعَامِ المسكين ﴾ أي : لا يحضّ نفسه، ولا أهله، ولا غيرهم على ذلك بخلاً بالمال، أو تكذيباً بالجزاء، وهو مثل قوله في سورة الحاقة :﴿ وَلاَ يَحُضُّ على طَعَامِ المسكين ﴾ [ الحاقة : ٣٤ ].