وقوله تعالى :﴿ فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّين َ *الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ ﴾ قال ابن جرير : أي : لاهُون يتغافلون عنها وذلك باللهو عنها والتشاغل بغيرها، وتضييعها أحياناً وتضييع وقتها أخرى. وقال القاشانيّ : أي : فويل لهم، أي : للموصوفين بهذه الصفات، من دعِّ اليتيم وعدم الحث على طعام المسكين الذي إن صلَّوا غفلوا عن صلاتهم لاحتجابهم عن حقيقتها بجهلهم وعدم حضورهم. و المصلين من باب وضع الظاهر موضع المضمر للتسجيل عليهم بأن أشرف أفعالهم وصور حسناتهم سيئات وذنوب، لعدم ما هي به معتبرة من الحضور والإخلاص، وأورد على صيغة الجمع لأن المراد بالذي يكذب هو الجنس.
﴿ الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ ﴾ أي : يراؤون الناس بصلاتهم إذا صلوا لأنهم لا يصلون رغبة في ثواب، ولا رهبة من عقاب، وإنما يصلونها ليراهم المؤمنون فيظنوهم منهم فيكفوا عنهم. وأصل المراءاة أن ترى غيرك ويراك، أريد به العمل عند الناس ليثنوا عليهم، أوضحه الشهاب.
﴿ وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ ﴾ أي : ما يعان به الخلق ويصرف في معونتهم من الأموال والأمتعة وكل ما ينتفع به، لكون الجهل حاكماً عليهم بالاستئثار بالمنافع وحرمانهم عن النظر التوحيدي وعدم اعتقادهم بالجزاء ؛ فلا محبة لهم للحق للركون إلى العالم الفاني، ولا عدالة في أنفسهم للاتصاف بالرذائل والبعد عن الفضائل، فلا يعاونون أحداً فلن يفلحوا أبداً، قاله القاشاني.
تنبيه :
المعني بهذه الآيات أولاً وبالذات المنافقون في عهد النبوة، ويدخل فيها ثانياً وبالعرض كل من وجد فيهم تلك الخلال الذميمة اعتباراً بالعموم ؛ فالسورة مدنية ونظيرها في المنافقين قوله تعالى :