وقولهم مع بقاء عينه : كالقدر والفأس والإبرة والمنخل، ونحو ذلك، بخلاف ما يكون إتلافه في استعماله، كالشمع للإضاءة، والزيت للدهن، والكحل للاكتحال، ونحو ذلك، مما تنفذ عينه باستعماله، فلا يكون عارية، ولكن يكون قرضاً، والقرض يكون معاوضته بمثله.
أما حكم العارية. فقيل : جائز.
وقيل : بل واجب.
وقيل : مستحب.
وحكى ابن قدامة الإجماع على استحبابها، ودليل من قال بالوجوب بنص الآية :﴿ وَيَمْنَعُونَ الماعون ﴾ [ الماعون : ٧ ]، ولحديث أبي هريرة رضي الله عنه في حق الإبل لما ذكره الزكاة " وأن حقها إعارة دلوها، وإطراق فحلها، ومنحه لبنها، يوم ورودها ".
والواقع أن هذا الحديث ذكر فيه ما ليس بعارية قطعاً، مثل طرق الفحل ومنح اللبن، مما يضعف الاستدلال به.
وقد ساق المجد في المنتقى برواية أحمد ولهم.
أما الوعيد في الآية فقالوا : هو منصب على الصفات الثلاث : السهو عن الصلاة، والرياء في العمل، ومنع الماعون جميعاً، ومن اتصف بواحدة فله قدرة من الوعيد بحبسه.
وأقل ما يقال فيها ما جاء في قوله تعالى :﴿ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى البر والتقوى ﴾ [ المائدة : ٢ ]، والحديث الصحيح في حق الزكاة، لما ذكر ﷺ الذهب والفضة والإبل والبقر والخيل، وقال :" ولا ينسى حق الله في ظهرها ".
ثم سئل عن الحمر، فقال :" لم أجد إلا الآية الشاذة الفاذة :﴿ فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ ﴾ [ الزلزلة : ٧ ].
وإعارة المتاع إباحة المنفعة وهي خير كثير.
والحديث الآخر :" لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس ".
ونقل الشوكاني عن الكشاف قولاً : أنها تكون واجبة عند الاضطرار، وقبيح في غير الضرورة مروءة. اه.
والضرورة : مثل الدلو إذا وردت الماء دلو معك، وفي اضطرار إلى الماء.
وقياس الفقهاء : أنه لو تلف شيء بسبب ذلك لضمن المانع.


الصفحة التالية
Icon