وهذا مجمل مباحث العارية، وتفصيل فروعها في كتب الفقه أوجزنا منه ما يتعلق بمنع الماعون وعدم جواز منعه، وما يتعلق ببذله، وبالله تعالى التوفيق.
تنبيه
في هذه السورة بيان منهج علمي يلزم كل باحث، وهو جمع أطراف النصوص وعدم الاقتصار على جزء منه، وذلك في قوله تعالى :﴿ فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ ﴾ [ الماعون : ٤ ]، وهي أية مستقلة، ولو أخذت وحدها لكانت وعيداً للمصلين.
كما قال الشاعر الماجن في قوله :
دع المساجد للعباد تسكنها... وسر إلى خانة الخمار يسقينا
ما قال ربك ويل للألى سكروا... وإنما قال ويل للمصلينا
ولذا لا بد من ضميمة ما بعدها للتفسير والبيان، الذين هم عن صلاتهم ساهون، ثم فسر هذا التفسير أيضاً بقوله :﴿ الذين هُمْ يُرَآءُونَ وَيَمْنَعُونَ الماعون ﴾ [ الماعون : ٦-٧ ].
ومثل هذه الآية من الحديث، ما جاء عند ابن ماجه ما نصه بسنده عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قيل للنبي ﷺ :" إن مسيرة المسجد تعطلت : فقال النبيِّ ﷺ :" من عمر مسيرة المسجد كتب له كفلان من الأجر ".
هذا الحديث وإن كان في الزوائد، قال عنه : في إسناده ليث بن أبي سليم ضعيف، إلا أنه نص فيما تمثل له لأن من اقتصر على جوابه ﷺ اعتبر مسيرة المسجد أفضل، ومن جمع طرفي الحديث عرف المقصود منه.
ويتفرع على هذا ما أخذه مالك رحمه الله في باب الشهادة : أن الشخص لا يحق له أن يشهد على مجرد قول سمعه، إلا إذا استشهدوه عليه، وقالوا : أشهد عليه، أو إلا إذا سمع الحديث من أوله مخافة أن يكون في أوله ما هو مرتبط بآخره، كما لو قال المتكلم للآخر : لي عندك فرس، ولك عندي مائة درهم، فيسمع قوله : لك عندي مائة درهم، ولم يسمع ما قبلها، فإذا شهد على ما سمع كان إضراراً بالمشهود عليه، وهذه السورة تدل لهذا المأخذ، والله تعالى أعلم. أ هـ ﴿أضواء البيان حـ ٩ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon