قوله :﴿ الذين هُمْ ﴾ : يجوزُ أَنْ يكونَ مرفوعَ المَحَلِّ، وأَنْ يكونَ منصوبَه، وأَنْ يكونَ مجرورَه تابعاً. نعتاً أو بدلاً أو بياناً، وكذلك الموصولُ الثاني، إلاَّ أنَّه يُحْتمل أَنْ يكونَ تابعاً للمُصَلِّيْنَ، وأَنْ يكونَ تابعاً للموصولِ الأولِ. وقوله :" يُراؤُون " أصلُه يُرائِيُوْنَ كيُقاتِلون. ومعنى المُراءاة، أنَّ المُرائيَ يُري الناسَ عملَه، وهم يُرُونَه الثناءَ عليه، فالمفاعَلَةُ فيها واضحةٌ. وقد تقدَّم تحقيقُ ذلك.
وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ (٧)
قوله :﴿ الماعون ﴾ : أوجهٌ، أحدُها : أنه فاعُول من المَعْنِ وهو الشيءُ القليل. يُقال :" مالُه مَعْنَةٌ " أي : قليلٌ، قاله قطرب. الثاني : أنَّه اسمُ مفعولٍ مِنْ أعانه يُعينه. والأصلُ : مَعْوُوْن. وكان مِنْ حَقِّه على هذا أَنْ يقال : مَعُوْن كمَقُوْل ومَصُون اسمَيْ مفعول مِنْ قال وصان، ولكنه قُلِبَتِ الكلمةُ : بأنْ قُدِّمَتْ عينُها قبل فائِها فصار مَوْعُوْن، ثم قُلِبَتِ الواوُ الأولى ألفاً كقولِهم " تابَةٌ " و " صامَةٌ " في تَوْبة وصَوْمَة، فوزنُه الآن مَعْفُوْل. وفي هذا الوجه شذوذٌ من ثلاثةِ أوجهٍ، أوَّلُها : كَوْنُ مَفْعول جاء من أَفْعَل وحقُّه أَنْ يكونَ على مُفْعَل كمُكْرَم فيقال : مُعان كمُقام. وإمَّا مَفْعول فاسمُ مفعولِ الثلاثي. الثاني : القَلْبُ وهو خلافُ الأصلِ : الثالث : قَلْبُ حرفِ العلةِ ألفاً، وإنْ لم يتحرَّكْ، وقياسُه على تابة وصامة بعيدٌ لشذوذِ المَقيسِ عليه. وقد يُجاب عن الثالث : بأنَّ الواوَ متحركةٌ في الأصل قبل القلبِ فإنه بزنةِ مَعْوُوْن.