﴿إِنَّ الدّينَ عِندَ الله الإسلام﴾ [ آل عمران : ١٩ ] أما سائر المذاهب فلا تسمى ديناً إلا بضرب من التقييد كدين النصارى واليهود وثانيها : أن يقال : هذه المقالات الباطلة ليست بدين، لأن الدين هو الخضوع لله وهذه المذاهب إنما هي خضوع للشهوة أو للشبهة وثالثها : وهو قول أكثر المفسرين.
أن المراد أرأيت الذي يكذب بالحساب والجزاء، قالوا : وحمله على هذا الوجه أولى لأن من ينكر الإسلام قد يأتي بالأفعال الحميدة ويحترز عن مقابحها إذا كان مقراً بالقيامة والبعث، أما المقدم على كل قبيح من غير مبالاة فليس هو إلا المنكر للبعث والقيامة.
فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ (٢) وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (٣)
ثم قال تعالى :﴿فَذَلِكَ الذى يَدُعُّ اليتيم * وَلاَ يَحُضُّ على طَعَامِ المسكين ﴾.
واعلم أنه تعالى ذكر في تعريف من يكذب الدين وصفين أحدهما : من باب الأفعال وهو قوله :﴿فَذَلِكَ الذى يَدُعُّ اليتيم﴾ والثاني : من باب التروك وهو قوله :﴿وَلاَ يَحُضُّ على طَعَامِ المسكين﴾ والفاء في قوله ﴿فذلك﴾ للسببية أي لما كان كافراً مكذباً كان كفره سبباً لدع اليتيم، وإنما اقتصر عليهما على معنى أن الصادر عمن يكذب بالدين ليس إلا ذلك، لأنا نعلم أن المكذب بالدين لا يقتصر على هذين بل على سبيل التمثيل، كأنه تعالى ذكر في كل واحد من القسمين مثالاً واحداً تنبيهاً بذكره على سائر القبائح، أو لأجل أن هاتين الخصلتين، كماأنهما قبيحان منكران بحسب الشرع فهما أيضاً مستنكران بحسب المروءة والإنسانية، أما قوله :﴿يَدُعُّ اليتيم﴾ فالمعنى أنه يدفعه بعنف وجفوة كقوله :﴿يَوْمَ يُدَعُّونَ إلى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا﴾ [ الطور : ١٣ ] وحاصل الأمر في دع اليتيم أمور أحدها : دفعه / عن حقه وماله بالظلم والثاني : ترك المواساة معه، وإن لم تكن المواساة واجبة.