﴿الذين هم﴾ أي : بجملة سرائرهم ﴿يراؤون﴾ أي : بصلاتهم وغيرها الناس، لأنهم يفعلون الخير ليراهم الناس لا لرجاء الثواب، ولا لخوف العقاب من الله تعالى، ولذلك يتركون الصلاة إذا غابوا عن الناس. وقال إبراهيم : هو الذي يلتفت في صلاته. وقال قطرب : هو الذي لا يقرأ ولا يذكر الله تعالى. وقال ابن عباس رضي الله عنهما : لو قال في صلاتهم ساهون لكانت في المؤمنين. وقال عطاء : الحمد لله الذي قال تعالى :﴿عن صلاتهم ساهون﴾ ولم يقل في صلاتهم ساهون فدل على أنّ الآية في المنافقين وقال قتادة : ساه عنها لا يبالي صلى أم لم يصلّ. وقال مجاهد : غافلون عنها متهاونون بها. وقال الحسن : هو الذي إن صلاها صلاها رياء، وإن فاتته لم يندم، وقيل : هم الذي يسهون عنها قلة مبالاة بها حتى تفوتهم، أو يخرج وقتها، أو لا يصلونها كما صلاها رسول الله ﷺ والسلف، ولكن ينقرونها نقراً من غير خشوع، ولا اجتناب لما يكره فيها من العبث باللحية والثياب وكثرة التثاؤب والالتفات، لا يدري الواحد منهم عن كم انصرف، ولا ما قرأ من السورة، وكما ترى صلاة أكثر من ترى من الذين عادتهم الرياء بأعمالهم، ومنع حقوق أموالهم والمعنى : أنّ هؤلاء أحق أن يكون سهوهم عن الصلاة التي هي عماد الدين.
والفارق بين الإيمان والكفر والرياء الذي هو شعبة من الشرك ومنع الزكاة التي هي شقيقة الصلاة وقنطرة الإسلام علماً على أنهم مكذبون بالدين، وكم ترى من المتسمين بالإسلام بل بالعلم من هو منهم على هذه الصفة فيا مصيبتاه.
فإن قيل : كيف جعل المصلين قائماً مقام ضمير الذي يكذب، وهو واحد ؟
أجيب : بأن معناه الجمع لأنّ المراد به الجنس. فإن قيل : أي : فرق بين قوله تعالى :﴿عن صلاتهم﴾ وقولك في صلاتهم ؟