قال ابن العربي :"والذي عندي أنه أراد : اعبد ربك، وانحر له، فلا يكن عملك إلا لمن خصك بالكوثر، وبالْحَرَى أن يكون جميع العمل يوازي هذه الخُصوصية من الكوثر، وهو الخير الكثير، الذي أعطاكه الله، أو النهر الذي طِينه مسك، وعدد آنيته نجوم السماء ؛ أما أن يوازِيَ هذا صلاة يوم النحر، وذبح كبش أو بقرة أو بدَنَة، فذلك يبعد في التقدير والتدبير، وموازنة الثواب للعبادة".
والله أعلم.
الثانية : قد مضى القول فى سورة "الصَّافّات" في الأُضحِية وفضلها، ووقت ذبحها ؛ فلا معنى لإعادة ذلك.
وذكرنا أيضاً في سورة "الحج" جملة من أحكامها.
قال ابن العربيّ :"ومن عجيب الأمر : أن الشافعي قال : إن من ضحَّى قبل الصلاة أجزأه، والله تعالى يقول في كتابه :﴿ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وانحر ﴾، فبدأ بالصلاة قبل النحر، وقد قال النبيّ ﷺ ( في البخاريّ وغيره، عن البراء بن عازب، قال ) :" أوّل ما نبْدَأ به في يومنا هذا : أن نُصلِّيَ، ثم نرجعَ فننحر، من فعل فقد أصاب نُسُكاً، ومن ذَبَح قبل، فإنما هو لحم قدّمه لأهله، ليس من النُّسك في شيء " وأصحابه ينكرونه، وحبذا الموافقة".
الثالثة : وأما ما روي عن عليّ عليه السلام "فصل لِربك وانحر" قال : وضع اليمين على الشمال في الصلاة ( خرّجه الدارَقُطْنيّ )، فقد اختلف علماؤنا في ذلك على ثلاثة أقوال : الأوّل : لا توضع فريضة ولا نافلة ؛ لأن ذلك من باب الاعتماد.
ولا يجوز في الفرض، ولا يستحب في النفل.
الثاني : لا يفعلها في الفريضة، ويفعلها في النافلة استعانة ؛ لأنه موضع ترخص.
الثالث : يفعلها في الفريضة والنافلة.
وهو الصحيح ؛ لأنه ثبت أن رسول الله ﷺ وضع يده اليمنى على اليسرى من حديث وائل بن حجر وغيره.
قال ابن المنذر : وبه قال مالك وأحمد وإسحاق، وحكي ذلك عن الشافعيّ.
واستحب ذلك أصحاب الرأي.
ورأت جماعة إرسال اليد.


الصفحة التالية
Icon