وقال النخجواني :
[سورة الكوثر]
فاتحة سورة الكوثر
لا يخفى على من وصل إلى بحر الحقيقة وورد على الحوض المورود والمقام المحمود الذي هو ينبوع الوجود الإلهي المترشح المنبسط بمقتضى الجود الذاتي إلى عموم الموجود ان الوصول إلى هذا المطلب الأعلى والمقصد الأقصى الذي هو التوحيد الذاتي المعبر بالحوض الكوثر الذي هو عبارة عن كثرة الخير والبركة ما تيسر هذا الشأن وما اتفق حصوله بحقيقته لجماهير الأنبياء والرسل الا للحضرة الختمية المحمدية صلوات اللّه عليه وسلامه وهو صلى اللّه عليه وسلم قد خصص بهذه الكرامة الكبرى والموهبة العظمى لذلك ختم ببعثته امر الإرسال والتشريع وتم بظهوره صلى اللّه عليه وسلم مكارم الأخلاق ولهذا نبه سبحانه في هذه السورة على عظم شأنه صلى اللّه عليه وسلم وجلالة قدره ومكانته فقال بعد التيمن بِسْمِ اللَّهِ المتجلى على حبيبه صلى اللّه عليه وسلم بعموم كمالاته ليكون هو مرآة له سبحانه كي يتراءى منه صلى اللّه عليه وسلم آثار جميع أسمائه الحسنى وصفاته العلياء الرَّحْمنِ على عموم الأنام ببعثته صلى اللّه عليه وسلم إليهم حتى يهديهم إلى دار السلام الرَّحِيمِ للخواص منهم يرشدهم إلى التوحيد الذاتي الذي هو المنجى من ظلمات الأوهام
[الآيات ]
إِنَّا من مقام عظيم جودنا ومحض كرامتنا أَعْطَيْناكَ يا أكمل الرسل إعطاء وهب وكرامة وفضل وامتنان الْكَوْثَرَ الذي هو عبارة عن التحقيق بوحدة الذات والانكشاف بها والوقوف عليها وبعد ما أعطيناك وخصصناك بالكرامة التي لم نعط أحدا من الأنبياء والرسل الذين مضوا قبلك
فَصَلِّ لِرَبِّكَ ودم أنت على التوجه نحونا وأخلص فيه واستقم عليه وَانْحَرْ بدنة ناسوتك بعد ما وصلت إلى كعبة الذات وفزت بعرفات الأسماء والصفات تقربا إلينا وتوصلا لحمى قدس لاهوتنا ولا تلتفت في ميلك وتوجهك إلى هذيانات من يشينك ويعيبك من الجهلة المكابرين
إِنَّ شانِئَكَ الذي يشينك ويبغضك في شأنك وأمرك هذا هُوَ الْأَبْتَرُ المقطوع العقب منقطع الأثر والذكر واثرك يبقى ويدوم إلى قيام الساعة


الصفحة التالية
Icon