دون ما عليه الأكثر مع أن القوم كانوا يصلون وينحرون للأوثان فالأنسب أن يؤمر ﷺ في مقابلتهم بالصلاة والنحر له عز وجل هذا واعتبار الخلوص في ﴿ فَصْلٌ ﴾ الخ كما أشرنا إليه لدلالة السياق عليه وقيل لدلالة لأم الاختصاص وفي الالتفات عن ضمير العظمة إلى خصوص الرب مضافاً إلى ضميره عليه الصلاة والسلام تأكيد لترغيبه ﷺ في أداء ما أمر به على الوجه الأكمل.
﴿ إِنَّ شَانِئَكَ ﴾
أي مبغضك كائناً من كان ﴿ هُوَ الابتر ﴾ الذي لا عقب له حيث لا يبقى منه نسل ولا حسن ذكر وأما أنت فتبقى ذريتك وحسن صيتك وآثار فضلك إلى يوم القيامة ولك في الآخرة ما لا يندرج تحت البيان وأصل البتر القطع وشاع في قطع الدنب وقيل لمن لا عقب له أبتر على الاستعارة شبه الولد والأثر الباقي بالذنب لكونه خلفه فكأنه بعده وعدمه بعدمه وفسره قتادة بالحقير الذليل وليس بذاك كما يفصح عنه سبب النزول وفيها عليه دلالة على أن أولاد البنات من الذرية كما قال غير واحد واسم الفاعل أعني شانىء ههنا قيل بمعنى الماضي ليكون معرفة بالإضافة فيكون الأبتر خبره ولا يشكل ذلك بمن كان يبغضه عليه الصلاة والسلام قبل الايمان من أكابر الصحابة رضي الله تعالى عنهم ثم هداه الله تعالى للايمان وذاق حلاوته فكان ﷺ أحب إليه من نفسه وأعز عليه من روحه ولم يكن أبتر لما أن الحكم على المشتق يفيد علية مأخذه فيفيد الكلام إن الأبترية معللة بالبغض فتدور معه وقد زال في أولئك الأكابر رضي الله تعالى عنهم واختار بعضهم في دفع ذلك حمل اسم الفاعل على الاستمرار فهم لم يستمروا على البغض والظاهر أنه انقطع نسل كل من كان مبغضاً له عليه الصلاة والسلام حقيقة وقيل انقطع حقيقة أو حكماً لأن من أسلم من نسل المبغضين انقطع انتفاع أبيه من بالدعاء ونحوه لأنه لا عصمة بين مسلم وكافر.


الصفحة التالية
Icon