والمذهب الكلامي أنواع، منه نوع منطقي تستنتج فيه النتائج الصحيحة من المقدمات الصادقة. فإن هاتين الآيتين تضمنتا نتيجة من مقدمتين صادقتين، وبيان ذلك أنّا نقول : إن عطية الكوثر تعدل جميع العطيات، وإنما قلنا ذلك لأن الشكر على مقادير النعم، وقد أمر الرسول (صلّى اللّه عليه وسلّم) بأن يقابل هذه النعمة بجميع العبادات البدنية والمالية شكرا عليها، والصلاة جامعة لكثير من العبادات، ثم أمر عليه الصلاة والسلام مع الصلاة بالنحر، ولا يخلو من أن يراد به الحج الجامع لبعض العبادات، فما تضمنته هاتان الآيتان، على قصرهما، من الإشارة التي دلّت بألفاظها القليلة على معان، لو عبّر عنها بألفاظها الموضوعة لها بطريق البسط لملأت الصحائف والأجلاد.
٢ - الالتفات : في قوله تعالى " فَصَلِّ لِرَبِّكَ ".
في هذا الالتفات عن ضمير العظمة، إلى خصوص الرب، مضافا إلى ضميره عليه الصلاة والسلام، تأكيد لترغيبه (صلّى اللّه عليه وسلّم) في أداء ما أمر به على الوجه الأكمل.
٣ - الاستعارة : في قوله تعالى " إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ ".
قيل لمن لا عقب له أبتر، على الاستعارة، حيث شبه الولد والأثر الباقي بالذنب، لكونه خلفه، فكأنه بعده، وعدمه بعدمه.
الفوائد :
قرأ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وسلّم) هذه السورة، ثم قال لأصحابه : أ تدرون ما الكوثر؟ قلنا :
اللّه ورسوله أعلم. قال : فإنه نهر وعدنيه ربي عز وجل خير كثير، هو حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة، آنيته عدد نجوم السماء، فيختلج العبد منهم، فأقول : رب إنه من أمتي. فيقول : ما تدري ما أحدث بعدك. هذا لفظ مسلم. والبخاري قال : قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وسلّم) : لما عرج بي إلى السماء، أتيت على نهر، حافتاه قباب اللؤلؤ المجوف، فقلت :


الصفحة التالية
Icon