وَالْآخِرَةِ فَمِمَّا أَعْطَاهُ فِي الدُّنْيَا الْهُدَى وَالنَّصْرَ وَالتَّأْيِيدَ وَقُرَّةَ الْعَيْنِ وَالنَّفْسِ وَشَرْحَ الصَّدْرِ وَنِعْمَ قَلْبِهِ بِذِكْرِهِ وَحُبِّهِ بِحَيْثُ لَا يُشْبِهُ نَعِيمَهُ نَعِيمٌ فِي الدُّنْيَا أَلْبَتَّةَ وَأَعْطَاهُ فِي الْآخِرَةِ الْوَسِيلَةَ وَالْمَقَامَ الْمَحْمُودَ وَجَعَلَهُ أَوَّلَ مَنْ يُفْتَحُ لَهُ وَلِأُمَّتِهِ بَابُ الْجَنَّةِ وَأَعْطَاهُ فِي الْآخِرَةِ لِوَاءَ الْحَمْدِ وَالْحَوْضَ الْعَظِيمَ فِي مَوْقِفِ الْقِيَامَةِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ وَجَعَلَ الْمُؤْمِنِينَ كُلَّهُمْ أَوْلَادَهُ وَهُوَ أَبٌ لَهُمْ وَهَذَا ضِدُّ حَالِ الْأَبْتَرِ الَّذِي يَشْنَؤُهُ وَيَشْنَأُ مَا جَاءَ بِهِ. وَقَوْلُهُ ﴿ إنَّ شَانِئَكَ ﴾ أَيْ مُبْغِضُك وَالْأَبْتَرُ الْمَقْطُوعُ النَّسْلِ الَّذِي لَا يُولَدُ لَهُ خَيْرٌ وَلَا عَمَلٌ صَالِحٌ فَلَا يَتَوَلَّدُ عَنْهُ خَيْرٌ وَلَا عَمَلٌ صَالِحٌ. قِيلَ لِأَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ : إنَّ بِالْمَسْجِدِ قَوْمًا يَجْلِسُونَ وَيُجْلَسُ إلَيْهِمْ فَقَالَ : مَنْ جَلَسَ لِلنَّاسِ جَلَسَ النَّاسُ إلَيْهِ. وَلَكِنَّ أَهْلَ السُّنَّةِ يَمُوتُونَ وَيَحْيَى ذِكْرُهُمْ وَأَهْلَ الْبِدْعَةِ يَمُوتُونَ وَيَمُوتُ ذِكْرُهُمْ ؛ لِأَنَّ أَهْلَ السُّنَّةِ أَحْيَوْا مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنْ قَوْلِهِ :﴿ وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ ﴾ وَأَهْلَ الْبِدْعَةِ شَنَئُوا مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنْ قَوْلِهِ :﴿ إنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ ﴾ فَالْحَذَرَ الْحَذَرَ أَيُّهَا الرَّجُلُ مِنْ أَنْ تَكْرَهَ شَيْئًا مِمَّا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ تَرُدَّهُ لِأَجْلِ هَوَاك أَوْ


الصفحة التالية
Icon