قال محمد عليه الصلاة والسلام : كيف أصلي ولست على الوضوء، فقال الله :﴿إِنَّا أعطيناك الكوثر﴾ ثم ضرب جبريل بجناحه على الأرض فنبع ماء الكوثر فتوضأ فقيل له عند ذلك :﴿فصل﴾، فأما إذا حملنا الكوثر على الرسالة، فكأنه قال : أعطيتك الرسالة لتأمر نفسك وسائر الخلق بالطاعات وأشرفها الصلاة فصل لربك القول الثاني :﴿فصل لربك﴾ أي فاشكر لربك، وهو قول مجاهد وعكرمة، وعلى هذا القول ذكروا في فائدة الفاء في قوله ﴿فصل﴾ وجوهاً أحدها : التنبيه على أن شكر النعمة يجب على الفور لا على التراخي وثانيها : أن المراد من فاء التعقيب ههنا الإشارة، إلى ما قرره بقوله :﴿وَمَا خَلَقْتُ الجن والإنس إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ﴾ [ الذاريات : ٥٦ ] ثم إنه خص محمداً ﷺ في هذا الباب بمزيد مبالغة، وهو قوله :﴿واعبد رَبَّكَ حتى يَأْتِيَكَ اليقين﴾ [ الحجر : ٩٩ ] ولأنه قال له :﴿فَإِذَا فَرَغْتَ فانصب﴾ أي فعليك بأخرى عقيب الأولى فكيف بعد وصول نعمتي إليك، ألا يجب عليك أن تشرع في الشكر عقيب ذلك القول الثالث :﴿فصل﴾ أي فادع الله لأن الصلاة هي الدعاء، وفائدة الفاء على هذا التقدير كأنه تعالى يقول : قبل سؤالك ودعائك ما بخلنا عليك :﴿بالكوثر﴾ فكيف بعد سؤالك لكن :"سل تعطه واشفع تشفع" وذلك لأنه كان أبداً في هم أمته، واعلم أن القول الأول أولى لأنه أقرب إلى عرف الشرع.
المسألة الثانية :
في قوله :﴿وانحر﴾ قولان :
الأول : وهو قول عامة المفسرين : أن المراد هو نحر البدن والقول الثاني : أن المراد بقوله :﴿وانحر﴾ فعل يتعلق بالصلاة، إما قبلها أو فيها أو بعدها، ثم ذكروا فيه وجوهاً : أحدها : قال الفراء : معناها استقبل القبلة وثانيها : روى الأصبغ بن نباتة عن علي عليه السلام قال : لما نزلت هذه السورة قال النبي عليه الصلاة والسلام لجبريل :


الصفحة التالية
Icon