سورة لقمان هذه : وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٢٥)، وإن في هذا ما يتناقض مع مضمون السورة. ومع أن الشق الأول صحيح فليس هناك من تناقض. فقد كانوا يشركون مع اللّه غيره ويتخذون الأصنام رموزا لشركائهم فيسجدون لها ويقربون القرابين عندها، وكانوا يعتقدون أن الملائكة بنات اللّه ويعبدونهم ويدعونهم ولو ليكونوا شفعاءهم عند اللّه وفي هذا كفر صريح بحق اللّه وواجبه على خلقه وتناقض صريح بين ما يعبد النبي صلّى اللّه عليه وسلّم ويدعوا إليه وهو اللّه وحده لا شريك له ولا كفؤ له ولا ولد له وبين ما يعبدونه ويتجهون إليه، وهذا هو المراد في آيات السورة كما هو المتبادر.
ونحن نعرف أنه يورد على هذا أقوال من جانب المسلمين وغير المسلمين على السواء. فإن كثيرا من علماء المسلمين ومفسري القرآن قالوا إن الآيات التي تأمر النبي صلّى اللّه عليه وسلّم بالاكتفاء بإنذار المشركين وهجرهم وتركهم وشأنهم وإعلانهم أنه ليس إلّا منذر لهم وأنه ليس عليهم مسيطر ولا جبار أو التي تأمر بقتال المقاتلين للمسلمين منهم دون سواهم مما جاء في سور كثيرة مكية ومدنية مثل الآيات التالية في السور المكية :
١ - قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ سورة يونس [١٠٨].
٢ - فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ سورة الحجر [٩٤].
٣ - وَاصْبِرْ وَما صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ سورة النحل [١٢٧].
٤ - إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَها وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (٩١) وَأَنْ أَتْلُوَا الْقُرْآنَ فَمَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّما أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ سورة النمل [٩١ - ٩٢].


الصفحة التالية
Icon