وفي الثانية : في حق الله تعالى وهو استعمالها في غير استعمالها الأستسي، فقيل : من أجل المقابلة، وقد استعملت فيمن يعلم، كقوله تعالى :﴿ فانكحوا مَا طَابَ لَكُمْ مِّنَ النسآء ﴾ [ النساء : ٣ ]، لأنهن في معرض الاستمتاع بهن، فللقرينة جاز ذلك.
وقيل : إنها مع ما قبلها مصدرية، أي ما مصدرية بمعنى عبادتكم الباطلة، ولا تعبدون عباداتي الصحيحة.
وهذا المعنى قوي، وإن تعارض مع ما ذكر من سبب النزول، إلا أن له شاهداً من نفس السورة ويتضمن المعنى الأول، ودليله من السورة قوله تعالى في آخر السورة :﴿ لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ ﴾ [ الكافرون : ٦ ]، فأحالهم على عبادتهم، ولم يحلهم عهلى معبودهم.
لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (٦)
هو نظير ما تقدم في سورة يونس ﴿ أَنتُمْ بريائون مِمَّآ أَعْمَلُ وَأَنَاْ برياء مِّمَّا تَعْمَلُونَ ﴾ [ يونس : ٤١ ].
وكقوله :﴿ وَلَنَآ أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ ﴾ [ البقرة : ١٣٩ ].
وليس في هذا تقريرهم على دينهم الذي هم عليه، ولكن من قبيل التهديد والوعيد كقوله :﴿ وَقُلِ الحق مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَآءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَآءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا ﴾ [ الكهف : ٢٩ ].
وفي هذه السورة قوله :﴿ قُلْ يا أيها الكافرون ﴾ [ الكافرون : ١ ] وصف يكفي بأن عبادتهم وديانتهم كفر.
وقد قال لهم الحق ﴿ لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ ﴾ [ الكافرون : ٢ ]، لأنها عبادة باطلة. عباد الكفار، وبعد ذلك إن أبيتم إلا هي، فلكم دينكم ولي دين.
تنبيه


الصفحة التالية
Icon