فصل فى التفسير الموضوعى للسورة كاملة


قال الشيخ محمد الغزالى :
سورة الكافرون
" قل يا أيها الكافرون * لا أعبد ما تعبدون * ولا أنتم عابدون ما أعبد ". هذا المعنى المقرر هنا يشبه ما تقرر فى سورة أخرى " ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك وما أنت بتابع قبلتهم وما بعضهم بتابع قبلة بعض". إن توحيد العقائد والمذاهب مستحيل. ومن الخير الاعتراف بتعدد المشارب والنزعات، ومواجهة ذلك بالحكمة والوعى. وقد حكى القرآن الكريم زبدة تاريخ البشر فى سورة هود، والصراع الشديد بين المؤمنين والكفار على امتداد العصور. ثم قال للنبى الكريم. " ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين ". "إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم... ". إننا نحن المسلمين لا نسعى إلى محو الأديان المخالفة، وقد أجمع المحققون على أن الإسلام ما يقاتل إلا منعا للفتنة وردا للعدوان. وكل قتال للإكراه على عقيدة، فهو من نزع الشياطين وجبروت السلاطين، ولا نتيجة له إلا مزيد من الأحقاد. ولذلك تكرر فى هذه السورة بعد ذلك " ولا أنا عابد ما عبدتم * ولا أنتم عابدون ما أعبد * لكم دينكم ولي دين ". إن هذه السورة من أحكم ما تؤسس عليه العلاقات الدولية. فلنعترف بتعدد الأديان، ولندع للجدال! الحسن والحوار الهادئ أن يمتد وتعقد مجالسه. ولكننى مضطر هنا لإنكار ما تكنه بعض السلطات العالمية من ضيق بالإسلام وضن عليه بحق الحياة. ولابد من المصارحة بأن الدم لن يجف حتى تختفى هذه الرغبة الشريرة، ويسترد الإسلام قدرته على إثبات نفسه وحماية شرائعه وضمان تطبيقها على أتباعه. فهل يعقل ذلك الاستعماريون؟. أ هـ ﴿نحو تفسير موضوعى صـ ٥٤٥﴾


الصفحة التالية
Icon