السؤال الأول : أليس أن ذكر الوجه الذي لأجله تقبح عبادة غير الله كان أولى من هذا التكرير ؟ الجواب بل قد يكون التأكيد والتكرير أولى من ذكر الحجة، إما لأن المخاطب بليد ينتفع بالمبالغة والتكرير ولا ينتفع بذكر الحجة أو لأجل أن محل النزاع يكون في غاية الظهور فالمناظرة في مسألة الجبر والقدر حسنة، أما القائل : بالصنم فهو إما مجنون يجب شده أو عاقل معاند فيجب قتله، وإن لم يقدر على قتله فيجب شتمه، والمبالغة في الإنكار عليه كما في هذه الآية.
السؤال الثاني : أن أول السورة اشتمل على التشديد، وهو النداء بالكفر والتكرير وآخرها على اللطف والتساهل، وهو قوله :﴿لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِىَ دِينِ﴾ فكيف وجه الجمع بين الأمرين ؟ الجواب : كأنه يقول : إني قد بالغت في تحذيركم على هذا الأمر القبيح، وما قصرت فيه، فإن لم تقبلوا قولي، فاتركوني سواء بسواء.
السؤال الثالث : لما كان التكرار لأجل التأكيد والمبالغة فكان ينبغي أن يقول : لن أعبد ما تعبدون، لأن هذا أبلغ، ألا ترى أن أصحاب الكهف لما بالغوا قالوا :﴿لَن نَّدْعُوَاْ مِن دُونِهِ إلها﴾ [ الكهف : ١٤ ] والجواب : المبالغة إنما يحتاج إليها في موضع التهمة، وقد علم كل أحد من محمد عليه السلام أنه ما كان يعبد الصنم قبل الشرع، فكيف يعبده بعد ظهور الشرع، بخلاف أصحاب الكهف فإنه وجد منهم ذلك فيما قبل.
لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (٦)
ففيه مسائل :
المسألة الأولى :


الصفحة التالية
Icon