أما الحمد فقد تقدم تفسيره، وأما تفسير قوله :﴿فَسَبّحْ بِحَمْدِ رَبّكَ﴾ فذكروا فيه وجوهاً : أحدها : قال صاحب " الكشاف " أي قل : سبحان الله والحمد لله متعجباً مما أراك من عجيب أنعامه أي اجمع بينهما تقول : شربت الماء باللبن إذا جمعت بينهما خلطاً وشرباً وثانيها : أنك إذا حمدت الله فقد سبحته لأن التسبيح داخل في الحمد لأن الثناء عليه والشكر له لا بد وأن يتضمن تنزيهه عن النقائص لأنه لا يكون مستحقاً للثناء إلا إذا كان منزهاً عن النقص ولذلك جعل مفتاح القرآن بالحمد لله وعند فتح مكة قال : الحمد لله الذي نصر عبده، ولم يفتتح كلامه بالتسبيح فقوله :﴿فَسَبّحْ بِحَمْدِ رَبّكَ﴾ معناه سبحه بواسطة أن تحمده أي سبحه بهذا الطريق وثالثها : أن يكون حالاً، ومعناه سبح حامداً كقولك : اخرج بسلاحك أي متسلحاً ورابعها : يجوز أن يكون معناه سبح مقدراً أن تحمد بعد التسبيح كأنه يقول : لا يتأتى لك الجمع لفظاً فاجمعهما نية كما أنك يوم النحر تنوي الصلاة مقدراً أن تنحر بعدها، فيجتمع لك الثوابان في تلك الساعة كذا ههنا وخامسها : أن تكون هذه الباء هي التي في قولك : فعلت هذا بفضل الله، أي سبحه بحمد الله وإرشاده وإنعامه، لا بحمد غيره، ونظيره في حديث الإفك قول عائشة :"بحمد الله لا بحمدك" والمعنى : فسبحه بحمده، فإنه الذي هداك دون غيره، ولذلك روي أنه عليه السلام كان يقول :


الصفحة التالية
Icon