قال الضحاك وغيره : هذا في الدنيا ؛ فكانت تُعَيِّر النبيّ ﷺ بالفقر وهي تحتطب في حبل تجعله في جيدها من ليف، فخنقها الله جل وعزّ به فأهلكها ؛ وهو في الآخرة حبْل من نار.
وقال ابن عباس في رواية أبي صالح :﴿ فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ ﴾ قال : سلسلة ذرْعُها سبعون ذراعاً وقاله مجاهد وعروة بن الزبير : تَدْخُل مِنْ فيها، وتَخْرُج من أسفلها، ويُلْوَى سائِرها على عنقها.
وقال قتادة.
"حبْل مِن مَسَدٍ" قال : قِلادة من وَدَع.
الوَدَع : خرز بيض تخرج من البحر، تتفاوت في الصغر والكبر.
قال الشاعر :
والحِلم حِلْمُ صبِيٍّ يَمْرِث الوَدَعَهْ...
والجمع : وَدَعات.
الحسن : إنما كان خَرَزاً في عنقها.
سعيد بن المسيب : كانت لها قِلادة فاخرة من جوهر، فقالت : واللاتِ والعُزَّى لأنفِقنها في عداوة محمد.
ويكون ذلك عذاباً في جيدها يوم القيامة.
وقيل : إن ذلك إشارة إلى الخِذلان ؛ يعني أنها مربوطة عن الإيمان بما سبق لها من الشقاء، كالمربوط في جيده بحبل من مسد.
والمَسَد : الفتل.
يقال : مَسَد حَبْلَه يَمْسِده مَسْداً ؛ أي أجاد فتله.
قال :
يَمْسِد أَعْلَى لحمِهِ ويأرِمُهْ...
يقول : إن البقل يقوّي ظهر هذا الحمار ويشدّه.
ودابة مَمْسودة الخَلْق : إذا كانت شديدة الأَسْر.
قال الشاعر :
ومَسَدٍ أُمِرَّ مِنْ أَيَانِقِ...
صُهْبٍ عِتاقٍ ذاتِ مُخٍّ زاهِقِ
لَسْنَ بأنيابٍ ولاَ حَقَائِق...
ويروى :
ولا ضعافٍ مُخُّهُنَّ زاهِقِ...
قال الفراء : هو مرفوع والشعر مُكْفأ.
يقول : بل مخهن مكتنِز ؛ رفعه على الابتداء.
قال : ولا يجوز أن يريد ولا ضعافٍ زاهقٍ مخهنّ.
كما لا يجوز أن تقول : مررت برجل أبوه قائمٍ ؛ بالخفض.
وقال غيره : الزاهق هنا : بمعنى الذاهب ؛ كأنه قال : ولا ضعافً مُخَّهُنَّ، ثم ردّ الزاهق.
على الضعاف.
ورجل ممسود : أي مجدول الخلق.


الصفحة التالية
Icon