وقال البيضاوى :
سورة المسد
مكية، وآيها خمس آيات

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

﴿ تَبَّتْ ﴾
هلكت أو خسرت والتباب خسران يؤدي إلى الهلاك. ﴿ يَدَا أَبِى لَهَبٍ ﴾ نفسه كقوله تعالى :﴿ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التهلكة ﴾ وقيل إنما خصتا لأنه عليه الصلاة والسلام لما نزل عليه ﴿ وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأقربين ﴾ جمع أقاربه فأنذرهم فقال أبو لهب : تباً لك ألهذا دعوتنا، وأخذ حجراً ليرميه به فنزلت. وقيل المراد بهما دنياه وأخراه، وإنما كناه والتكنية تكرمة لاشتهاره بكنيته ولأن اسمه عبد العزى فاستكره ذكره، ولأنه لما كان من أصحاب النار كانت الكنية أوفق بحاله، أو ليجانس قوله :﴿ ذَاتَ لَهَبٍ ﴾ وقرىء "أبو لهب" كما قيل علي بن أبو طالب. ﴿ وَتَبَّ ﴾ إخبار بعد دعاء والتعبير بالماضي لتحقق وقوعه كقوله :
جَزَانِي جَزَاهُ الله شَرَّ جَزائِه جَزاءَ الكِلاَبِ العَاوِيَاتِ وَقَدْ فَعَل
ويدل عليه أنه قرىء "وقد تب" أو الأول إخبار عما كسبت يداه والثاني عن عمل نفسه.
﴿ مَا أغنى عَنْهُ مَالُهُ ﴾ نفي لإِغناء المال عنه حين نزل به التباب أو استفهام إنكار له ومحلها النصب. ﴿ وَمَا كَسَبَ ﴾ وكسبه أو مكسوبه بماله من النتائج والأرباح والوجاهة والإِتباع، أو عمله الذي ظن أنه ينفعه أو ولده عتبة، وقد افترسه أسد في طريق الشام وقد أحدق به العير ومات أبو لهب بالعدسة بعد وقعة بدر بأيام معدودة، وترك ثلاثاً حتى أنتن ثم استأجروا بعض السودان حتى دفنوه، فهو إخبار عن الغيب طابقه وقوعه.
﴿ سيصلى نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ ﴾ اشتعال يريد نار جهنم، وليس فيه ما يدل على أنه لا يؤمن لجواز أن يكون صليها للفسق، وقرىء ﴿ سيصلى ﴾ بالضم مخففاً و﴿ سيصلى ﴾ مشدداً.


الصفحة التالية
Icon