التفسير : لما أخبر عن فتح الولي وهو النبي ﷺ نبه على مآل حال العدو في الدارين. قال ابن عباس :" كان رسول الله ﷺ يكتم أمره في أول المبعث ويصلي في شعاب مكة ثلاث سنين إلى أن نزل قوله ﴿ وأنذر عشيرتك الأقربين ﴾ [الشعراء : ٢١٤] فصعد الصفا ونادى : يا آل غالب فخرجت إليه من المسجد. فقال أبو لهب : هذه غالب قد أتتك فما عندك؟ ثم نادى يا آل لؤي فرجع من لم يكن من لؤي فقال : هذه لؤي قد أتتك فما عندك؟ فقال يا آل - كلاب ثم قال بعده : يا آل قصي فقال أبو لهب : هذه قصي قد أتتك فما عندك، ثم قال : إن الله قد أمرني أن أنذر عشيرتك الأقربين وأنتم الأقربون، إني لا أملك لكم من الدنيا حظاً ولا من الآخرة نصيباً إلا أن تقولوا لا إله إلا الله فأشهد لكم بها عند ربكم. فقال أبو لهب عليه اللعنة : تباً لك ألهذا دعوتنا؟ فنزلت السورة " وقيل :" إن رسول الله ﷺ جمع أعمامه وقدم إليهم طعاماً في صحفة فاستحقروه وقالوا : إن أحدنا يأكل الشاة فقال : كلوا فأكلوا فشبعوا ولم ينتقص من الطعام إلا قليل. ثم قالوا فما عندك؟ فدعاهم إلى الإسلام. فقال أبو لهب ما قال " وروي أنه قال أبو لهب :" فما لي إن أسلمت؟ فقال : ما للمسلمين. فقال : أفلا أفضل عليهم؟ فقال النبي ﷺ : وبماذا تفضل؟ فقال : تباً لهذا الدين الذي يستوي فيه أنا وغيري فنزلت ﴿ تبت يدا أبي لهب ﴾ " التباب الهلاك كقوله
﴿ وما كيد فرعون إلا في تباب ﴾
[غافر : ٣٧] وقيل : الخسران المفضي إلى الهلاك. وقيل : الخيبة. وقال ابن عباس : لأنه كان يدفع قائلاً إنه ساحر فينصرفون عنه قبل لقائه لأنه كان شيخ القبيلة وكان له كالأب فكان لا يتهم، فلما نزلت السورة وسمع بها غضب وأظهر العداوى الشديدة فصار متهماً فلم يقبل قوله في الرسول ﷺ بعد ذلك فكأنه خاب سعيه وبطل غرضه.


الصفحة التالية
Icon