وقال الفراء :
سورة ( المسد )
﴿ تَبَّتْ يَدَآ أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ ﴾
قوله عز وجل :﴿تَبَّتْ يَدَآ أَبِي لَهَبٍ...﴾.
ذكروا أن النبى ﷺ قام على المروة، فقال : يا آل غالب، فاجتمعت إليه، ثم قال : يا آل لؤى، فانصرف ولد غالب سوى لؤى، ثم قال ذلك حتى انتهى إلى قصى. فقال أبو لهب : فهذه قصى قد أتتك فما لهم عندك؟ فقال : إن الله تبارك وتعالى قد أمرنى أن أنذر عشيرتى الأقربين، فقد أبلغتكم، فقال أبو لهب : أما دعوتنا إِلاَّ لهذا؟ تبّاً لك، فأنزل الله عز وجل :﴿تَبَّتْ يَدَآ أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ﴾ وفى قراءة عبدالله :"وقد تب" فالأول : دعاء، والثانى : خبر. قال الفراء :"تب" : خسر، كما تقول للرجل، أهلكك الله، وقد أهلكك، أو تقول : جعلك الله صالحا، وقد جعلك.
﴿ وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ ﴾
وقوله عز وجل :﴿وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ...﴾، ترفع الحمّالةُ وتنصب، فمن رفعها فعلى جهتين : يقول : سيصلى نار جهنم هو وامرأته حمالةُ الحطب تجعله من نعتها، والرفع الآخر وامرأتُه حمالةُ الحطب، تريد : وامرأته حمالة الحطب فى النار، فيكون فى جيدها هو الرافع، وإن شئت رفعتها بالحمالة، كأنك قلت : ما أغنى عنه ماله وامرأته هكذا. وأما النصب فعلى جهتين :
إحداهما [/ا] أن تجعل الحمالة قطعا ؛ لأنها نكرة ؛ ألا ترى أنك تقول : وامرأته الحمالة الحطب، فإذا ألقيت الألف واللام كانت نكرة، ولم يستقم أن تنعت معرفة بنكرة.
والوجه الآخر : أن تشتمها بحملها الحطب، فيكون نصبها على الذم، كما قال ﷺ سيّد المرسلين سمعها الكسائى من العرب. وقد ذكرنا [مثله] فى غير موضع.
وفى قراءة عبدالله :"وامرأته حمالةً للحطب" نكرة منصوبة، وكانت تنُم بين الناس، فذلك حملها الحطب يقول : تُحرِّش بين الناس، وتقود بينهم العداوة.
﴿ فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ ﴾