[الحج : ١٠] لأن أكثر الأعمال إنما تعمل باليد، فاليمين كالسلاح واليسار كالجنة، بالأولى يجر المنفعة وبالأخرى يدفع المضرة، وروي أنه ﷺ لما دعاه نهاراً فأبى ذهب إلى داره ليلاً مستناً بسنة نوح ليدعوه ليلاً كما دعاه نهاراً، فلما دخل عليه قال له : جئتني معتذراً. فجلس النبي ﷺ أمامه كالمحتاج وجعل يدعوه إلى الإسلام وقال : ن كان يمنعك العار فأجبني في هذا الوقت واسكت. فقال : لا أومن بك أو يؤمن هذا الجدي. فقال النبي ﷺ للجدي. من أنا؟ فقال : أنت رسول الله ﷺ وأطلق لسانه يثني عليه فاستولى الحسد على أبي لهب وأخذ يدي الجدي ومزقه وقال : تباً لك أثر فيك السحر. فقال الجدي : بل تبت يدالك فنزلت السورة على وفق ذلك لتمزيقه يدي الحيوان الشاهد بالحق الناطق بالصدق. وفي ذكر أبي لهب بالكنية الدالة على التعظيم المنبئة عن شبهة الكذب إذ لم يكن له ولد مسمى بلهب وجوه منها : أن الكنية قد تصير اسماً بالغلبة فلا تدل على التعظيم، وإيهام الكذب منتف لأنهم يريدون بها التفاؤل فلا يلزم منه أن يحصل له ولد يسمى بلهب. ومناه أن اسمه كان عبد العزي فكان الاحتراز عن ذكره أولى. ومنها أنه إشارة إلى أنه من أهل النار كما يقال " أبو الخير " لمن يلازمه. وكما قال النبي ﷺ لعلي رضي الله عنه " يا أبا تراب " لتراب لصق بظهره. وقيل : سمي بذلك لتلهب وجنتيه فسماه الله تعالى بذلك تهكماً ورمزاً إلى مآل حاله وفي قوله ﴿ سيصلى ناراً ذات لهب ﴾ قال أهل الخطابة : إنام لم يقل في أوّل هذه السورة " قل تبت " كما قال
﴿ قل يا أيها الكافرون ﴾
[الكافرون : ١] لئلا يشافه عمه بما يشتد غضبه رعاية للحرمة وتحقيقاً لقوله
﴿ فبما رحمة من الله لنت لهم ﴾
[آل عمران : ١٥٩] وأيضاً إن الكفار في تلك السورة طعنوا في الله فقال الله : يا محمد أجبهم عني
﴿ قل يا أيها الكافرون ﴾


الصفحة التالية
Icon