يروى أن أبا بكر كان يؤذيه واحد فبقي ساكتاً فجعل الرسول يذبه عنه ويزجر ذلك المؤذي فشرع أبو بكر في الجواب فسكت الرسول فقال أبو بكر : ما السبب في ذلك؟ فقال : لإنك حين كنت ساكتاً كان الملك يجيب عنك، فلما شرعت في الجواب انصرف الملك وجاء الشيطان. قال أبو الليث : اللهب واللهب لغتان كالنهر والنهر ولكن الفتح أوجه، ولهذا قرأ به أكثر القراء. وأجمعوا في قوله ﴿ ذات لهب ﴾ على الفتح رعاية للفاصلة. وفي دفع التكرار عن قوله ﴿ وتب ﴾ وجوه منها : أن الأول دعاء والثاني إخبار ويؤيده قراءة ابن مسعود و " قد تب "، ومنها أن الأول إخبار عن هلاك عمله لأن المرء إنما يسعى لمصلحة نفسه باليد، والثاني إخبار عن هلاك نفسه وهو قول أبي مسلم. وقيل : الأول إهلاك ما له فقد يقال للمال ذات اليد، والآخر هلاك نفسه وهو قول أبي مسلم. وقيل : الأول نفسه والثاني ولده عتبة على ما روي أن عتبة ابن أبي لهب خرج إلى الشام مع ناس من قريش فلما هموا أن يرجعوا قال لهم عتبة : بلغوا عني محمداً أني كفرت بالنجم إذا هوى. وروى أنه قال ذلك في وجه رسول الله ﷺ وتفل في جهه وكان مبالغاً في عداوته فقال : الله سلط عليه كلباً من كلابك. فوقع الرعب في قلب عتبة وكان يحترز دائماً فسار ليلة من الليالي إلى قريب من الصبح فقال له أصحابه : هلكت الركاب. فما زالوا به حتى نزل وهو مرعوب فأناح الإبل حوله كالسرادق فسلط الله الأسد وألقى السكينة على الإبل فجعل الأسد يتخلل حتى افترسه. فقوله ﴿ تبت ﴾ قبل هذه الواقعة على عادة إخبار الله تعالى في جعل المستقبل كالماضي المحقق. والفرق بين المال والكسب من وجوه أحدها : أن المال عني به رأس المال والمكسوب هو الربح. وثانيها أراد الماشية والذي كسبه من نسلها وكان صاحب النعم والنتاج. وثالثها أريد ماله الموروث والذي كسبه بنفسه. وعن ابن عباس : المكسوب الولد لقوله ﷺ " إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه وإن ولده