وقال النخجواني :
[سورة تبت ]
فاتحة سورة تبت
لا يخفى على من كشف له الغناء الذاتي الإلهي وظهر عنده أن الدنيا وما فيها ما هي إلا سراب باطل وظل زاهق زائل لا ثبات لنعيمها ولا قرار لمقيمها وان الاغترار بها وبما يترتب على حطامها وأمتعتها الفانية انما هو من كمال الجهل والغفلة عن اللّه وعن اللذات الأخروية المعدة عنده سبحانه لأرباب العناية والكرامة كما أخبر سبحانه في هذه السورة عن بعض المسرفين المحتجبين عن اللّه المشتغلين عن مقتضيات ألوهيته وربوبيته من غاية اغتراره بماله وجاهه وثروته ونخوته وسيادته بين الأنام فقال بعد التيمن بِسْمِ اللَّهِ الغنى بذاته عن عموم مظاهره ومصنوعاته الرَّحْمنِ عليهم بافاضة الوجود الرَّحِيمِ عليهم حيث يوصلهم إلى مرتبة الكشف والشهود في اليوم الموعود لو أخلصوا في التوجه والطاعات نحو الخلاق الودود
[الآيات ]
تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ أى قد خابت وخسرت خيبة ابدية وخسرانا سرمديا بحيث قد هلكت في نار القطيعة نفس الجهنمى الذي يداه كناية عن نفسه وذلك لأنه من غاية نخوته وغروره وشدة بطره وشروره ظهر على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بأنواع المنكر والمكروه وعارضه على وجه لا يليق بشأنه صلى اللّه عليه وسلم اتكالا على ماله وجاهه ورئاسته بين أمته وذلك انه لما نزل الآية الكريمة وانذر عشيرتك الأقربين صعد رسول اللّه صلى اللّه عليه ذات يوم إلى الصفا فنادى يا بنى فهر يا بنى عدى لبطون قريش حتى اجتمعوا فقال أرأيتم لو أخبرتكم ان خيلا بالوادي يريد ان يغير عليكم أكنتم مصدقي قالوا نعم ما جربنا عليك الا صدقا قال فانى نذير لكم بين يدي عذاب شديد فقال ابو لهب على سبيل الاستهزاء تبا لك يا محمد لهذا جمعتنا فنزلت تبت يدا ابى لهب بمجادلته مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ومرائه معه وقصد استحقاره واستهانته إياه صلى اللّه عليه وسلم وَقد تَبَّ وهلك ذلك اللعين المفرط على الوجه الذي أخبر اللّه بهلاكه إلى حيث
ما أَغْنى ودفع عَنْهُ مالُهُ الذي اتكل عليه واستظهر به شيأ من غضب اللّه وَما نفع له ونصره ما كَسَبَ وجمع وادخر من الأموال والأولاد والأعوان والاتباع قيل مات بالعدسة بعد وقعة بدر بأيام معدودة وترك ثلاثة ايام حتى أنتن ثم استأجروا بعض السودان حتى دفنوه فهو اخبار عن الغيب وقد وقع هذا على وجهه في النشأة الاولى
سَيَصْلى ويدخل ذلك اللعين ناراً ذاتَ لَهَبٍ واشتعال من شدة سورتها والتهابها وصولتها وفظاعتها
وَامْرَأَتُهُ التي كانت تمشى بالنميمة بين الناس وتوقد نيران الفتن والعداوة بينهم أيصاً معه بل تصير هي حينئذ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ لنار جهنم تحتطب لها من الضريع والزقوم او هي حمالة الحطب فيها على قراءة الرفع يعنى صورت نميمتها التي قد مشيت بها في دار الدنيا بايقاد نار الفتن على هذه الصورة فتلازمها دائما
فِي جِيدِها وعنقها