وقال الآلوسى :
﴿ تُبْتُ ﴾
أي هلكت كما قال ابن جبير وغيره ومنه قولهم أشابة أم تابة يريدون أم هالكة من الهرم والتعجيز أي خسرت كما قال ابن عباس وابن عمر وقتادة وعن الأول أيضاً خابت وعن يمان بن وثاب صفرت من كل خير وهي على ما في البحر أقوال متقاربة وقال الشهاب أن مادة التباب تدور على القطع وهو مؤد إلى الهلاك ولذا فسر به وقال الراغب هو الاستمرار في الخسران ولتضمنه الاستمرار قيل استتب لفان كذا أي استمر ويرجع هذا المعنى إلى الهلاك ﴿ يَدَا أَبِى لَهَبٍ ﴾ هو عبد العزى بن عبد المطلب عم رسول الله ﷺ وكان شديد المعاداة والمناصبة له عليه الصلاة والسلام ومن ذلك ما في المجمع عن طارق المحاربي قال بينا أنا بسوق ذي المجاز إذا أنا برجل حديث السن يقول أيها الناس قولوا لا إله إلا الله تفلحوا وإذا رجل خلفه يرميه قد أدمى ساقيه وعرقوبيه ويقول يا أيها الناس إنه كذاب فلا تصدقوه فقلت من هذا فقالوا هو محمد ﷺ يزعم أنه نبي وهذا عمه أبو لهيب يزعم أنه كذاب وأخرج الإمام أحمد والشيخان والترمذي عن ابن عباس قال لما نزلت ﴿ وأنذر عشيرتك الأقربين ﴾ [ الشعراء : ٢١٤ ] صعد النبي ﷺ على الصفا فجعل ينادي يا بني فهر يابني عدى لبطنون قريش حتى اجتمعوا فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولاً لينظر ما هو فجاء أبو لهب وقريش فقال أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلاً بالوادي تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدقي؟ قالوا نعم، ما جربنا عليك الاَّ صدقاء قال فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد فقال أبو لهب تبّاً لك سائر الأيام ألهذا جمعتنا فنزلت ويروى أنه مع ذلك القول أخذ بيديه حجراً ليرمي بها رسول الله ﷺ ومن هذا يعلم وجر إيثار التباب على الهلاك ونحوه مما تقدم واسناده إلى يديه وكذا مما روى البيهقي في الدلائل عن ابن عباس أيضاً أن أبا لهب قال لما خرج من الشعب وظاهر فريشاً أن محمداً يعدنا أشياء لا نراها


الصفحة التالية
Icon