اللزوم إنما هو بحسب الوضع الأول أعني الإضافي دون الثاني أعني العلمي وهم يعتبرون في الكنى المعاني الأصلية فأبو لهب باعتبار الوضع العلمي مستعمل في الشخص المعين وينتقل منه باعتبار وضعه الأصلي إلى ملابس اللهب وملازمه لينتقل منه إلى أنه جهنمي فهو كناية عن الصفة بالواسطة وهذا ما اختاره العلامة الثاني فعنده كناية بلا واسطة لأن معناه الأصلي أعني ملابس اللهب ملحوظ مع معناه العلمي واحق مع العلامة لأن أبا لهب يستعمل في الشخص المعين والمتكلم بناء على اعتبارهم المعاني الأصلية في الكنى ينتقل منه إلى المعنى الأصلي ثم ينتقل منه إلى الجهنمي ولا يلاحظ معه معناه الأصلي وإلا لكان لفظ أبي لهب في الآية مجازاً سواء لوحظ معه معناه الأصلي بطريق الجزئية أو التقييد لكونه غير موضوع للمجموع وما قيل إن المعنى الحقيقي لا يكون مقصوداً في الكناية وإن مناط الفائدة والصدق والكذب فيها هو المعنى الثاني وههنا قصد الذات المعين فليس بشيء لأن الكناية لفظ أريد به لازم معناه مع جواز إرادته معه فيجوز ههنا أن يكون كلا المعنيين مراداً وفي المفتاح تصريح بأن المراد في الكناية هو المعنى الحقيقي ولازمه جميعاً وزعم السيد أيضاً أن الكناية في أبي لهب لأنه اشتهر بهذا الاسم وبكونه جهنمياً فدل اسمه على كونه جهنمياً دلالة حاتم على أنه جواد فإذا أطلق وقصد به الانتقال إلى هذا المعنى يكون كناية عنه وفيه أنه يلزم منه أن تكون الكناية في مثله موقوفة على اشتهار الشخص بذلك العلم وليس كذلك فانهم ينتقلون من الكنية إلى ما يلزم مسماها باعتبار الأصل من غير توقف على الشهرة قال الشاعر :
قصدت أنا المحاسن كي أراه...
لشوق كاد يجذبني إليه
فلما أن رأيت رأيت فردا...
ولم أر من بنيه ابناً لديه