وروى الإمام أحمد عن ربيعة بن عباد الديلي قال : رأيت النبي ﷺ في الجاهلية في سوق ذي المجاز وهو يقول :< يا أيها الناس ! قولوا : لا إله إلا الله، تفلحوا >. والناس مجتمعون عليه. ووراءه رجل وضيء الوجه أحول، ذو غديرتين، يقول : إنه صابئ كاذب. يتبعه حيث ذهب، فسألت عنه فقالوا : هذا عمه أبو لهب. وفي رواية له : يتبعه من خلفه يقول : يا بني فلان ! هذا يريد منكم أن تسلخوا اللات والعزى وحلفاءكم من الجن، إلى ما جاء به من البدعة والضلالة. فلا تسمعوا له ولا تتبعوه.
﴿ مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ ﴾ أي : أي : شيء أغنى عنه ماله وما كسبه من سخط الله عليه وخسرانه. فكسبه هو عمله الذي يظن أنه منه على شيء. وقيل : ولده ؛ لقرن الأولاد بالأموال في كثير من الآيات، وكانت العرب تعد أولادها للنائبات كالأموال، فنفى إغناءهما عنه حين حلَّ به التباب.
قال الشهاب : والذي صححه أهل الأثر أن أولاده، لعنه الله، ثلاثة : متعب وعتبة وهما أسلما، وعتيبة - مصغراً - وهذا هو الذي دعا النبي ﷺ لما جاهر بإيذائه وعداوته، ورد ابنته وطلقها ؛ وقال صلوات الله عليه وسلامه :< اللهم سلِّط عليه كلباً من كلابك >. فأكله السبع في خرجة خرجها إلى الشام. وفيه يقول حسان رضي الله عنه :
~من يرجعُ العامَ إلى أهلِهِ فما أُكِيلُ السَّبْعِ بالراجِعِ
ثم قال : ولهب هو أحد هؤلاء فيما قيل، قال الثعالبي : ومنه يعلم أن الأسد يطلق عليه كلب. ولما أضيف إلى الله، كان أعظم أفراده.
﴿ سَيَصْلَى نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ ﴾ أي : توقّد واشتعال، وهي نار الآخرة، جزاء ما كان يأتيه من مقاومة الحق ومجاهدته.
﴿ وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ ﴾ أي : وسيصلاها معه امرأته أيضأ : فـ ﴿ امْرَأَتَهُ ﴾ مرفوع عطفاً على الضمير في ﴿ سَيَصْلَى ﴾ أو على الابتداء، و


الصفحة التالية
Icon