وروي في حديث " من لم يبت " من البيات، وأحمق بات : شديد الحمق - كذا قاله الليث، وقال الأزهري : هو تاب - بتأخير الموحدة، والبت : كساء غليظ مهلهل مربع أخضر، وقيل : هو من وبر وصوف، والجمع بتوت، والبتات أي بالتخفيف : متاع البيت والزاد، كأن ذلك يقطع صاحبه عن الحاجة، وبتتوه : زودوه، أو أن ذلك من الإزالة لأنه صلة لصاحبه ورفد لأن الاستقراء حاصل بأن كل مادة لها معنى غالب تدور عليه وفيها شيء لإزالة ذلك المعنى، وفلان على بتات أمر - إذا أشرف على فراغه، فإنه ينقطع حينئذ، وتقول : طحنت بالرحى بتاً - إذا ابتدأت الإدارة عن يسارك، كأنه دال على القطع بتمام العزيمة لأن ذلك أقوى للطاحن وأمكن، وانبت الرجل : انقطع ماء ظهره، ويقال : هذا حبل بتّ : إذا كان طاقاً واحداً، كأنه لما كان كذلك فكان سهل القطع أطلق عليه القطع مبالغة مثل عدل، وقد انبت فلان عن فلان - إذا انقطع وانقبض.
ولما أوقع سبحانه الإخبار بهلاكه على هذا الوجه المؤكد لما كان لصاحب القصة وغيره من الكفار من التكذيب بلسان حاله وقاله لما له من المال والولد، وما هو فيه من القوة بالعَدد والعُدد، زاد الأمر تحققاً إعلاماً بأن الأحوال الدنيوية لا غناء لها فقال مخبراً، أو مستفهماً منكراً ﴿ما أغنى﴾ أي أجزى وناب وسد ﴿عنه﴾ أي عن أبي لهب الشقي الطريد المبعود عن الرحمة مع العذاب ﴿ماله﴾ أي الكثير الذي جرت العادة بأنه ينجي من الهلاك.