أما قوله تعالى :﴿وَتَبَّ﴾ ففيه وجوه أحدها : أنه أخرج الأول مخرج الدعاء عليه كقوله :﴿قُتِلَ الإنسان مَا أَكْفَرَهُ﴾ [ عبس : ١٧ ] والثاني مخرج الخبر أي كان ذلك وحصل، ويؤيده قراءة ابن مسعود وقد تب وثانيها : كل واحد منهما إخبار ولكن أراد بالأول هلاك عمله، وبالثاني هلاك نفسه ووجهه أن المرء إنما يسعى لمصلحة نفسه وعمله، فأخبر الله تعالى أنه محروم من الأمرين وثالثها :﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِى لَهَبٍ﴾ يعني ماله ومنه يقال : ذات اليد ﴿وَتَبَّ﴾ هو بنفسه كما يقال :﴿خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ﴾ [ الزمر : ١٥ ] وهو قول أبي مسلم ورابعها :﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِى لَهَبٍ﴾ يعني نفسه :﴿وَتَبَّ﴾ يعني ولده عتبة على ما روي أن عتبة بن أبي لهب خرج إلى الشأم مع أناس من قريش فلما هموا أن يرجعوا قال لهم عتبة : بلغوا محمداً عني أني قد كفرت بالنجم إذا هوى، وروي أنه قال ذلك في وجه رسول الله وتفل في وجهه، وكان مبالغاً في عداوته، فقال :" اللهم سلط عليه كلباً من كلابك فوقع الرعب في قلب عتبة وكان يحترز فسار ليلة من الليالي فلما كان قريباً من الصبح، فقال له أصحابه : هلكت الركاب فما زالوا به حتى نزل وهو مرعوب وأناخ الإبل حوله كالسرادق فسلط الله عليه الأسد وألقى السكينة على الإبل فجعل الأسد يتخلل حتى افترسه ومزقه، " فإن قيل : نزول هذه السورة كان قبل هذه الوقعة، وقوله :﴿وَتَبَّ﴾ إخبار عن الماضي، فكيف يحمل عليه ؟ قلنا : لأنه كان في معلومه تعالى أنه يحصل ذلك وخامسها :﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِى لَهَبٍ﴾ حيث لم يعرف حق ربه ﴿وَتَبَّ﴾ حيث لم يعرف حق رسوله وفي الآية سؤالات :


الصفحة التالية
Icon