وقال ابن الجوزى :
﴿ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (١) ﴾
وسبب نزولها ما روى البخاري ومسلم في "الصحيحين" من حديث سعيد بن جبير عن ابن عباس قال :" لما نزل ﴿ وأنذر عشيرتك الأقربين ﴾ [ الشعراء : ٢١٤ ] صَعِدَ رسول الله ﷺ على الصفا فقال :"يا صباحاه".
فاجتمعت إليه قريش، فقالوا : مالك؟ فقال :"أرأيتُكم إن أخبرتُكم أن العدوَّ مصبِّحكم، أو ممسِّيكم، أما كنتم تصدقوني؟" قالوا : بلى.
قال :"فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد".
قال أبو لهب : تَباً لك، ألهذا دَعوتَنَا؟ فأنزل الله تعالى :﴿ تبت يدا أبي لهب ﴾ " ومعنى تبت : خسرت يدا أبي لهب ﴿ وتب ﴾ أي : وخسر هو.
قال الفراء : الأول : دعاء، والثاني : خبر، كما يقول الرجل : أهلكك الله وقد أهلكك، وجعلك الله صالحاً وقد جعلك.
وقيل : ذكر يديه، والمراد نفسه، ولكن هذا عادة العرب يعبِّرون ببعض الشيء عن جميعه، كقوله تعالى :﴿ ذلك بما قدَّمت يداك ﴾ [ الحج : ١٠ ].
وقال مجاهد :"تبت يدا أبي لهب وتب" ولد أبي لهب.
فأما أبو لهب فهو عم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقيل : إن اسمه عبد العزى.
وقرأ ابن كثير وحدُه "أبي لَهْبٍ" بإسكان الهاء.
قال أبو علي : يشبه أن يكون لغة كالشَّمْعِ، والشَّمْعِ والنَّهْرِ، والنَّهَرِ.
فإن قيل : كيف كناه الله عز وجل، وفي الكنية نوع تعظيم؟
فعنه جوابان.
أحدهما : أنه إن صح أن اسمه عبد العُزَّى، فكيف يذكره الله بهذا الاسم وفيه معنى الشرك؟!
والثاني : أن كثيراً من الناس اشتهروا بكناهم، ولم يعرف لهم أسماء.
قال ابن قتيبة : خبِّرني غير واحد عن الأصمعي أن أبا عمرو بن العلاء، وأبا سفيان ابن العلاء أسماؤهما كناهما، فإن كان اسم أبي لهب كنيته، فإنما ذكره بما لايعرف إلا به.