وأما الوجه الثالث : وهو أن يحمل لفظ الصمد على الكل وهو محتمل، لأنه بحسب دلالته على الوجوب الذاتي يدل على جميع السلوب، وبحسب دلالته على كونه مبدأ للكل يدل على جميع النعوت الإلهية.
المسألة الثانية :
قوله :﴿الله الصمد﴾ يقتضي أن لا يكون في الوجود صمد سوى الله، وإذا كان الصمد مفسراً بالمصمود إليه في الحوائج، أو بما لا يقبل التغير في ذاته لذم أن لا يكون في الوجود موجود هكذا سوى الله تعالى، فهذه الآية تدل على أنه لا إله سوى الواحد، فقوله :﴿الله أَحَدٌ﴾ إشارة إلى كونه واحداً، بمعنى أنه ليس في ذاته تركيب ولا تأليف بوجه من الوجوه، وقوله :﴿الله الصمد﴾ إشارة إلى كونه واحداً، بمعنى نفي الشركاء والأنداد والأضداد.
وبقي في الآية سؤالان :
السؤال الأول : لم جاء ﴿أحد﴾ منكراً، وجاء ﴿الصمد﴾ معرفاً ؟ الجواب : الغالب على أكثر أوهام الخلق أن كل موجود محسوس، وثبت أن كل محسوس فهو منقسم، فإذا مالا يكون منقسماً لا يكون خاطراً بيان أكثر الخلق، وأما الصمد فهو الذي يكون مصموداً إليه في الحوائج، وهذا كان معلوماً للعرب بل لأكثر الخلق على ما قال :
﴿وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ الله﴾ [ الزخرف : ٨٧ ] وإذا كانت الأحدية مجهولة مستنكرة عند أكثر الخلق، وكانت الصمدية معلومة الثبوت عند جمهور الخلق، لا جرم جاء لفظ أحد على سبيل التنكير ولفظ الصمد على سبيل التعريف.
السؤال الثاني : ما الفائدة في تكرير لفظة الله في قوله :﴿الله أَحَدٌ الله الصمد﴾ ؟ الجواب : لو لم تكرر هذه اللفظة لوجب في لفظ أحد وصمد أن يردا، إما نكرتين أو معرفتين، وقد بينا أن ذلك غير جائز، فلا جرم كررت هذه اللفظة حتى يذكر لفظ أحد منكراً ولفظ الصمد معرفاً.
لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (٣)
فيه سؤالات :