وفرق قوم بينهما فقال بعضهم : الواحد للفصل والأحد للغاية، وقيل : واحد بصفاته أحد بذاته، وقيل : إنَّ الواحد يدلّ على أزليته وأوّليته، لأنَّ الواحد في الأعداد ركنها وأصلها وميدانها، والأحد يدل على بينونته من خلقه في جميع الصفات، ونفي أبواب الشرك عنه، فالأحد بني لنفي ما يذكر معه من العدد، والواحد أسم لمفتتح العدد، فأحد صلح في الكلام في موضع الجحود، والواحد في موضع الإثبات تقول : لم يأتني منهم أحد وجاءني منهم واحد، فالمعنى أنه لم يأتني أثنان، وقال ابن الأنباري : أجد في الأصل واحد كما قالوا للمرأة أناة والأصل ونأة من الوني وهو الفتور قال الشاعر :

رمته أناة من ربيعة عامر نؤوم الضحى في مأتم أي مأتم
وقال النابغة في الواحد :
كأن رحلي وقد زال النهار بنا بذي الجليل على مستأنس وحد
سمعت أبا عبد الرحمن السلمي يقول : سمعت منصور بن عبد الله يقول : سمعت أبا القاسم البزاز يقول : سمعت ابن عطاء يقول في قوله سبحانه ﴿ قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ ﴾ : هو المنفرد بإيجاد المفقودات والمتحّد بأظهار الخفيّات.
وقراءة العامة ﴿ أَحَدٌ ﴾ بالتنوين، وقرأ الحسن ونصر بن عاصم وابن إسحاق وأبان بن عثمان وهارون بن عيسى ﴿ أَحَدٌ * الله ﴾ بلا تنوين طلباً للخفة وفراراً من التقاء الساكنين كقراءة من قرأ ﴿ عُزَيْرٌ ابن الله ﴾ [ التوبة : ٣٠ ] بغير تنوين.
وأما قوله :﴿ الله الصمد ﴾ فاختلفوا فيه فقال ابن عباس ومجاهد والحسن وسعيد بن جبير : الذي لا جوف له، وأما سعيد بن المسيب : الذي لا حشو له، الشعبي : الذي لا يأكل ولا يشرب، وإليه ذهب الفرضي، وقيل : يفتره ما بعده.


الصفحة التالية
Icon