وبهذا تفسر هذه الآية لأن الله جلت قدرته هو موجود الموجودات، وإليه تصمد به قوامها، ولا غني بنفسه إلا هو تبارك وتعالى، وقال كثير من المفسرين :﴿ الصمد ﴾ الذي لا جوف له، كأنه بمعنى المصمت، وقال الشعبي : هو الذي لا يأكل ولا يشرب، وفي هذا التفسير كله نظر، لأن الجسم في غاية البعد عن صفات الله تعالى. فما الذي تعطينا هذه العبارات، و﴿ الله الصمد ﴾ ابتداء وخبر، وقيل :﴿ الصمد ﴾ نعت، والخبر فيما بعد، وقوله تعالى :﴿ لم يلد ولم يولد ﴾ رد على إشارة الكفار في النسب الذي سألوه، وقال ابن عباس : تفكروا في كل شيء ولا تتفكروا في ذات الله تعالى.
قال القاضي أبو محمد : لأن الأفهام تقف دون ذلك حسيرة، والمؤمنون يعرفون الله تعالى بواجب وجوده وافتقار كل شيء إليه واستغنائه عن كل شيء وينفي العقل عنه كل ما لا يليق به تبارك وتعالى، وأن ليس كمثله شيء، وكل ما ذكرته فهو في ضمن هذه السورة الوجيزة البليغة، قوله تعالى :﴿ ولم يكن له كفؤاً أحد ﴾ معناه : ليس له ضد ولا ند ولا شبيه، والكفأ والكفؤ والكفاء النظير، وقرأ " كُفؤاً " بضم الكاف وهمز مسهل نافع والأعرج وأبو جعفر وشيبة، وقرأ بالهمز عاصم وأبو عمرو بخلاف عنه، وقرأ حمزة :" كفْواً " بالهمز وإسكان الفاء وروي عن نافع " كفاً " بفتح الفاء وبغير همز.