ورُوِي عن أبي العالية : إن النبيّ ﷺ ذكر آلهتهم فقالوا : انْسُب لنا رَبّك.
قال : فأتاه جبريل بهذه السورة ﴿ قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ ﴾، فذكر نحوه، ولم يذكر فيه عن أُبيّ بن كعب، وهذا أصح ؛ قاله الترمذيّ.
قلت : ففي هذا الحديث إثبات لفظ ﴿ قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ ﴾ وتفسير الصَّمَد، وقد تقدّم.
وعن عكرمة نحوه.
وقال ابن عباس :﴿ لَمْ يَلِدْ ﴾ كما وَلَدَتْ مَرْيَم، ولم يُولد كما وُلِدَ عيسى وعُزَيرٌ.
وهو رد على النصارى، وعلى من قال : عُزيرٌ ابن الله.
﴿ وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ ﴾ أي لم يكن له مِثلاً أحد.
وفيه تقديم وتأخير ؛ تقديره : ولم يكن له كفواً أحد ؛ فقدّم خبر كان على اسمها، لينساقَ أواخرُ الآي على نظم واحد.
وقرِىء "كُفُواً" بضم الفاء وسكونها.
وقد تقدّم في "البقرة" أن كل اسم على ثلاثة أحرف أوّله مضموم، فإنه يجوز في عينه الضم والإسكان ؛ إلا قوله تعالى :﴿ وَجَعَلُواْ لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا ﴾ [ الزخرف : ١٥ ] لِعِلة تقدّمت.
وقرأ حفص "كفواً" مضموم الفاء غير مهموز.
وكلها لغات فصيحة.
القول في الأحاديث الواردة في فضل هذه السورة ؛ وفيه ثلاث مسائل :
الأولى : ثبت في صحيح البخاريّ عن أبي سعيد الخُدْريّ :" أن رجلاً سمع رجلاً يقرأ ﴿ قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ ﴾ يردّدها ؛ فلما أصبح جاء إلى النبيّ ﷺ، فذكر ذلك له، وكان الرجل يَتقالُّها ؛ فقال رسول الله ﷺ :"والذي نفسي بيده إنها لتعدل ثُلُثَ القُرْآن" " وعنه قال :" قال النبيّ ﷺ لأصحابه :"أيعجِز أحدكم أن يقرأ ثلث القرآن في ليلة" فشَقَّ ذلك عليهم، وقالوا : أينا يطِيق ذلك يا رسول الله؟ فقال :"اللَّهُ الواحدُ الصَّمد ثُلُثُ القرآن" " خرجه مسلم من حديث أبي الدرداء بمعناه.