هذا إذ قالوا، ومن المعلوم أنه إذا لم يكن له ولد ينفى عنه اسم الوالد والصاحبة، لأن الولد يكون منهما أو من أحدهما كآدم وحواء والمسيح، واللّه تعالى هو الأول الذي لم يتقدمه والد والآخر الذي لا يتفزع عنه ولد ومن كان كذلك صح أن يقال "وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ ٣" يكافئه في كونه لأن كل ما فيه خلقه ولن يكافيء المخلوق خالقه قال تعالى "لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ ءٌ" الآية ١١ من سورة الشورى في ج ٢، ولا يخفى أنه ليس شيء يولد إلا سيموت وليس شيء يموت إلا سيورث واللّه جل شأنه لا يموت ولا يورث فلا يعوله أو يضاهيه أحد من خلقه، تعالى اللّه عن ذلك علوا كبيرا، روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة أن النبي صلّى اللّه عليه وسلم قال : قال اللّه تعالى عز وجل كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك، وشتمني ولم يكن له ذلك فأما تكذيبه إياي فقوله لن يعيدني كما بدأني، وليس أول الخلق بأهون علي من إعادته، وأما شتمه إياي فقوله اتخذ اللّه ولدا وإني أنا الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد.
وقد جاء في فضل
هذه السورة وتلاوتها
أحاديث كثيرة أعرضنا عنها لعدم الحاجة ولأن في بعضها مبالغة لم نعتمد صحتها وقد اكتفينا بما ذكرناه مما هو صحيح لاغبار عليه وللشيخ الرئيس أبي الحسين علي بن سينا كراسة لطيفة فسّر بها المعوذتين والإخلاص على طريقة الصوفية أبدع فيها رحمه اللّه، وهو في كل فن مبدع فمن أراد الوقوف عليها والتمتع بما فيها من الإبداع الذي تلذّ به الأسماع وينشرح له الصدر، فليراجعها فإني وأمثالي عيال عليه، هذا واللّه أعلم واستغفر اللّه ولا حول ولا قوة إلا باللّه العلي العظيم، وصلّى اللّه وسلم على سيدنا محمد وآله وأصحابه وأتباعه أجمعين إلى يوم الدين. أ هـ ﴿بيان المعاني حـ ١ صـ ١٨٨ ـ ١٩٠﴾